حوادث وقضايا

مشاهد من فيلم تحولت إلى جريمة حقيقية في الإسماعيلية

كتبت / رنيم علاء نور الدين

مشاهد من فيلم تحولت إلى جريمة حقيقية في الإسماعيلية

مشاهد من فيلم تحولت إلى جريمة حقيقية في الإسماعيلية

كتبت / رنيم علاء نور الدين
لم تكن الإسماعيلية تعرف أن صباح ذلك اليوم سيحمل واحدة من أبشع الجرائم في تاريخها. طفل في الثالثة عشرة من عمره، يتحوّل إلى قاتلٍ بدمٍ بارد، يُخطّط لجريمة لم يتخيلها عقل، ثم ينفذها بأدق التفاصيل وكأنه يعيد مشهدًا من فيلمٍ أجنبيٍّ كان قد حفظه عن ظهر قلب.
بدأت القصة داخل منزل صغير بمنطقة المحطة الجديدة، حين استدرج “يوسف.أ” زميله “محمد أحمد محمد” بحجة اللعب. دقائق قليلة كانت كافية لتحوّل المكان إلى ساحةٍ للجريمة. التقط يوسف الشاكوش وسكينًا كبيرة، وانهال على زميله الصغير حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، قبل أن يقرر إخفاء معالم جريمته بـ«صاروخ كهربائي» كان يخص والده.
مذكرة الطب الشرعي كشفت ما هو أبشع من القتل نفسه. يوسف لم يكتفِ بتقطيع الجثمان إلى ستة أجزاء ووضعها في أكياس سوداء، بل احتفظ بقطعةٍ من لحم زميله داخل منزله، واعترف لاحقًا أنه طهاها وأكلها في اليوم التالي، في مشهدٍ يصعب على الخيال تصديقه.
المتهم قسّم جسد زميله إلى الذراعين والساقين ونصفي الجذع، ثم تنقّل بين مناطق الإسماعيلية ليتخلّص من الأشلاء. جزء في أرضٍ زراعية خلف كارفور، وآخر في بحيرة الصيادين، والباقي في مكانٍ مهجور لا يراه أحد. كل خطوة كانت محسوبة بدقة، تدلّ على سبق الإصرار، كما أكّد تقرير الطب النفسي أن القاتل كان بكامل وعيه، يدرك تمامًا ما يفعل، ويتصرّف بهدوءٍ غريب لا يوحي بأنه طفل.
في التحقيقات، جلس يوسف أمام المحققين بملامح جامدة، وقال بهدوء: «كنت بتفرج على فيلم وقررت أقلد البطل… جبت الصاروخ وقطعت جثة زميلي». اعترف أنه اشترى أكياسًا سوداء وجوانتيات قبل الجريمة بيوم، وأنه سار على قدميه حاملًا حقيبته المدرسية بداخلها الأشلاء، دون أن يراه أحد.
زملاء القاتل أكدوا أنه كان يتحدث كثيرًا عن مشاهد الدم، ويتقمص شخصيات أبطال أفلام القتل، بينما قال أحدهم: «كان بيعيش في عالم تاني… مهووس بالعنف وكأنه مش شايف الواقع».
أما والدة الضحية، مروة قاسم، فقالت والدموع لا تتوقف: «ابني اتقتل بوحشية لا يصدقها عقل… وعايزة القاتل يتعدم حتى لو كان طفل».
التحقيقات لم تتوقف عند يوسف وحده، إذ تم استدعاء والده وصاحب محل الموبايلات الذي اشترى هاتف المجني عليه قبل أشهر، كما أُرسلت الأدوات المستخدمة في الجريمة — الصاروخ، السكاكين، الشاكوش — إلى الطب الشرعي لفحصها ومضاهاة الدماء.
الإسماعيلية ما زالت تعيش على وقع الصدمة، والناس يتحدثون عن “جريمة المنشار” كما لو كانت مشهدًا من كابوس لا نهاية له. جريمة هزّت الضمير الجمعي، وأعادت طرح السؤال الأهم: إلى أي حد يمكن أن يدفعنا تأثير العنف في الأفلام والألعاب إلى ارتكاب ما هو خارج حدود الإنسانية؟
العدالة وحدها الآن هي ما ينتظره الجميع، والقصاص هو ما تطالب به أمٌ فقدت ابنها في أبشع مشهد يمكن أن تراه عيناها.
ويبقى السؤال:
كم من طفلٍ آخر قد يتحوّل في الغد إلى قاتلٍ، إذا استمرّ في تقليد مشاهد الدم، دون أن يجد من يعلّمه أين ينتهي الخيال… وأين يبدأ الجرم الحقيقي؟

 

 

مشاهد من فيلم تحولت إلى جريمة حقيقية في الإسماعيلية


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading