مقالات ووجهات نظر

مقال في حدوته. اعترافات ليلية

بقلم/ هشام سطوحى

تعلن شركة صحاري تورز عن تنظيم رحلة سفاري للصحراء الغربية .
هكذا تبدأ أحداثنا .. يتقدم للإلتحاق بالرحلة ثلاث شباب وبشكل منفرد ومن أماكن مختلفة ولا يعرف أى شخص الأخر .
وفي إحدى فنادق واحة سيوه كان التجمع .. و في صباح اليوم التالى والصدفة فقط تجمع الثلاثة في سيارة واحدة .. تتحرك بهم الى أعماق الصحراء وبعد وقت ليس بالقليل تتعطل السيارة .. يحاول السائق بكل الوسائل المتاحة أن يكتشف العطل ويقوم بإصلاحه ولكن دون جدوى .
حتى عندما حاولوا الإتصال وطلب الإغاثة لم يجدوا تغطية لجميع الشبكات.
وهنا قرر السائق أن يتركهم ويذهب هو لطلب المساعدة .
تمر الساعات ويخيم على المكان الظلام إلا محيط شعلة نار صغيرة كانت تتوسطهم .. كل هذا والثلاثه ملتزمين الصمت وكأن كل واحد فيهم على قلبه جبل من الهموم والأوجاع ويحاول الهروب منها.
ولكن أخيراً كان عليهم التواصل بعد أن غالبهم الجوع والعطش .. وبحذر وبكلمات مقتضبة بدأ كل واحد فيهم يتواصل مع الأخر .. حتى حينما أحضروا الطعام والشراب من السيارة كان كل واحد فيهم ينظر في إتجاه خاص به خوفاً حتى من أن تتقابل العيون وتفضح ما بداخلها من اسرار .
ولكن واحد منهم تشجع وبدأ في فتح موضوع .. وبشكل مباشر يسألهما من منكما كان يتابع البرنامج الإذاعى اعترافات ليليه ؟؟!.
وبعد اندهاشهما اخبرانه أنهما فعلا يعرفانه وكان البرنامج المفضل لهما .
يكمل كلامه وكأنه وضع خطة مسبقة .. ما المانع أن يكون هذا اللقاء بيننا لقاء أعتراف .. بمعنى أن يفتح كل واحد فينا قلبه ويكشف ما بداخله من أوجاع .. أعلم ومتأكد أننا هنا الآن بسبب سر نحاول الهروب منه.
ربما يكون سر بسيط كبير عادى .. ولكن من المؤكد أنه يشغل تفكيرنا ويآرق حياتنا.
نراهما وكأنهما استحسانا الفكرة.
فراح يكمل وضع الشروط والقواعد ويخبرهما .. مهما كان السر كبير مؤلم مخجل يحكى كما هو وبدون أى تحريف أو تزييف أو كسوف أو خوف.
ويكون هذا اللقاء هو الأول والأخير بيننا ومن الجيد أننا لا نعلم أى تفاصيل عن بعضنا .. ومع انتهاء الرحلة نتفرق وكأن هذه الجلسة لم تحدث إطلاقا.
تمت الموافقة على الفكرة وقواعدها وشروطها من الجميع.
وفعلا بدأ كل واحد في سرد قصته بمنتهى الصدق وكأنه يتحدث مع نفسه وبدون أى خجل.
ولا أخفى عنكم سرا كانت من بين هذه القصص والاعترافات .. المخجل والمؤلم وما يذهب بصاحبها الى السجن ربما .
ولكن بعد إنتهاء الاعترافات كأن جبل او حمل ثقيل تزحزح عنهم .
وفي النهاية هذه فكرة ممكن ان تطبق وبشكل احترافي وسرى للغاية وأنا متأكد أنها ستساعد صاحب الأعتراف على الراحة عندما يجد من يسمعه.
ليس المطلوب إطلاقا أن تحل هذه المشاكل ولكن البوح بها قد يخفف الضغط النفسي والعصبي عن صاحبها.
أعلم أن كل شخص يقرأ الآن قفز في ذهنه أعترافه وسره ويريد أن يجد من يسمعه ولكن يجب تتوفر به الشروط المطلوبة .. وهى اللقاء الأول والأخير والأذن الصماء .
وأن تكون اعترافات ليلية تتبخر مع أول ضوء .

 

 


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة