مقالات ووجهات نظر

مقال في حدوته. الغرفة 13

بقلم/هشام سطوحى

هذا المقال مأخوذ من أحداث حقيقية.

لظروف عمله كان عليه السفر إلى الإسكندرية كل أسبوع ويقضي بها يومين على الأقل.
وقد تعود أن يقيم في فندق معين .. دخل الفندق وعند مكتب الإستقبال وقف يطلب حجز غرفه وكان الجميع يعرفه لأنه نزيل دائم .
يتأسف له موظف الاستقبال ويخبره أن الفندق كامل العدد .. برجاء يطلب منه بطلنا أن يبحث له عن أى غرفة يقضي بها الليلة لارهاقه الشديد من السفر .. بتردد في تقديم العرض يخبره الموظف أنه يوجد غرفة واحدة فقط هى الخالية وهى غرفة 13 .. لأن هذا الرقم يعتبره الكثير أنه نذير شؤم ومن النادر أن يوافق أحد بالإقامة في غرفة تحمل هذا الرقم.
وتظهر عليه علامات القلق بعد سماع رقم الغرفة لأنه من أصحاب التفاؤل و التشاؤم ولكن لأنه كان مجبر وافق بامتعاض وقلق .. ولحظة دخوله الغرفة نرى التوتر واضح عليه ولكن تبدلت هذه الملامح إلى قمة الانبهار من الترتيب الاحترافي المتقن المبدع الرائع التى كانت عليه الغرفة والغير مألوف بنسبه له .. وكأن فنان وضع لمساته الجمالية في كل جزء فيها.
وفي الصباح رأى من الذوق أن يشكر من قام بهذا المجهود .. وفعلا ترك رسالة مكتوب عليها كلمات تدل عن انبهاره ثم خرج إلى عمله الذى حضر من أجله.
ودخلت الغرفة الفتاة التى تقوم بمسؤلية ترتيبها وتنظيفها باستمرار .. وتفاجأت لأنها غير معتادة على أن يقوم أحد بالإقامة فيها وكانت تعتبرها غرفتها المفضلة ترقص فيها تبكى تشتكى لها كانت الغرفة بنسبه لها الملاذ الآمن .. ولكن بعد أن رأت الرسالة و كلمات الثناء والشكر .. كانت لها أثر طيب عليها.
وردت برسالة شكر وامتنان لصاحب الرسالة.
وحضر بطلنا وأعجب جدا من أسلوبها الرقيق الراقي في الرد .
وتمر الأيام ويسافر ويعود مرة اخرى ويطلب هو بنفسه الإقامة في الغرفة 13.. ويتبادل الرسائل بينه وبين الفتاة .. حتى تدرجت الرسائل المتبادلة بينهما مع الوقت لرسائل اعجاب و مشبعه بأحلى كلامات الغزل وأصبحت شئ أساسي ممتع لهما.
وتمر الأيام أكثر وينشئ بينهما ارتباط قوي و من نوع خاص .. حتى باح كلا منهما بمشاعره و احاسيسه تجاه الآخر وكانت كلها جميلة رائعه .. كل هذا من خلال الرسائل المتبادلة بينهما فقط .. حتى طلب منها يوماً أنه أن الأوان أن يتقابلا.
وفعلا وبدون تردد وافقت وتم تحديد موعد ولكن لظروف طارئة لم تحضر .. وتم تحديد موعد ثانى وثالث ولكن كان القدر يتدخل في عدم إتمام المقابله بينهما.
حتى عندما قرر المكوث في الفندق ليراها صباحاً .. تم عمل تغيير مفاجئ وبدون قصد في أماكن العمل واستبدالها بفتاة أخرى.
لقد وقف الحظ وبشكل ملفت بين لقائهما الأول .. ولكن برغم كل هذا قاوم إحساسه وشعوره بالتشاؤم الذى كان يزداد كل يوم .. وأصر أن يواصل رحلته مع من إنجذب إليها قلبه.
ولا أخفي عنكم سرا أن كمية المواقف والمطبات والعراقيل التى أعترضت طريقهما حتى بعد أن نجحا أخيراً و تقابلا كانت كفيلة أن تنسف أى علاقة حتى لو كانت لأساطير قصص الحب والعشق التى سمعنا عنها عبر التاريخ في كتب الروايات .
ولكن قاوم وقاوم والآن مر على زواجهما أكثر من عشر سنوات وهما في منتهى السعادة الأسرية وأنعم الله عليهما بالذرية الصالحة وبمساندة زوجته أصبح رجل أعمال ناجح جدا .. ويقضيان سنوياً عيد زواجهما في نفس الغرفة.
لا تستسلم لأى شعور سئ من سلالة التشاؤم والإحباط و الكآبه أو من فصيلة سوء حظ والنحس والتعاسة .. واعلم أنك تستطيع أن تصنع وتبتكر حظك بنفسك .
واعلم أن انتصارك على الصعب أمتع وأروع من أنتصارك على السهل .
وأن مقاومة مخاوفك الداخلية أعظم وأهم وأمجد انتصاراتك.


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة