مقال في حدوته. الچاكت
بقلم/هشام سطوحى
هو الأخ الأكبر توفى الأب وتركه مسؤول عن أخواته الثلاثة الى جانب أمه.
ترك الدراسة وتفرغ للعمل وكان أوقات كثيرة يعمل في وظيفة وأثنان وثلاثة وذلك لتوفير الحد الأدنى فقط ليستطيع أن يعول اسرته التى اصبح مسؤول عنها وترك حياة الشباب التى كان يعيشها وأصبح فجأه رب أسرة.
وفي أحد الأيام اخبرته أمه أنه يجب أن يشترى لنفسه چاكت جديد ليحميه من الصقيع .
وأخبرته أنها تستطيع تدبير ثمنه من مصروف البيت .. وبعد تردد و إرضاء لأمه وافق .. ولكن في نفس اللحظة يدخل عليهما أحد أخوته ويطلب ثمن كتاب مدرسي يجب أحضاره .. وبمنتهى الرضا أخذ بطلنا من نفسه نصف المبلغ وأعطاه له .. وحينما نظرت له أمه وهى مهمومه .. أخبرها أنه سوف يشترى چاكت مستعمل وأنه سعيد بهذا وليس لديه مشكله.
وفعلا ذهب إلى مكان بيع الملابس المستعملة وأعجب بچاكت شكله مميز وكان أعجابه به بسبب سعره الرخيص وليس لتصميمه أو جودته مثلا.
ودخل إلى غرفته و وقف أمام المرآه ينظر لهيئته وهو يرتديه .. وبدأ في تفحص جيوبه الكثيرة ولكن أثار انتباهه وجود جيب سرى فى الچاكت وجد به ورقة مغلفة بغطاء بلاستيك ومكتوب فيها بعض العبارات وأرقام غير مفهومه .. وبرغم دهشته لم يهتم وأعتقد أنها مجرد ورقه نساها صاحب الچاكت.
وتمر الأيام ويظل محتفظ بالورقة في دولابه.
وبعد فترة وعلى أحد المقاهى كان يجلس ليأخذ قسط من الراحة ما بين الوظيفة الأولى والثانية وكان على نفس المقهى يجلس زبائن كثر .. ولكن لاحظ شخص يقترب منه وكأنه يتفحصه.
وسأل بطلنا بطريقة ذات مغزى من أين أحضرت هذا الچاكت ؟؟ .. وبرغم تعجبه من السؤال يرد عليه ويخبره أنه اشتراه من سوق الملابس المستعملة.
ولكن لماذا تسأل ؟؟! ..أخبره أنه كان يتابع مواقع الإنترنت المختلفة و ورأى شئ غير مؤلوف صورة لهذا الچاكت في أحدى الإعلانات ومكتوب من يجده أو يمتلكه يحضره وله مكافأة مالية كبيرة.
في بادئ الأمر لم يصدقه بطلنا ولكن بعد أن شاهد الإعلان بنفسه بدأ بالأهتمام والتصديق .
وفعلا تواصل مع صاحب الأعلان ولكن عندما تقابل معه آخذ منه الچاكت بلهفه يتفحصه وكأنه يبحث عن شيء بالغ الأهمية ولكن لم يجده .. بعجرفه وعصبية قذف الچاكت في وجه بطلنا بطريقة مهينه جداً مسحوبه ببعض الألفاظ البذيئة ثم أخرج بعض المال ورماها لبطلنا وانصرف وهو في قمة الغضب .
وأحس بطلنا بالإهانة الشديدة من تصرف هذا الرجل ولكن عندما هدئ تذكر الورقة التى وجدها في أحدى جيوب الچاكت.
فراح يخبر امه بالواقعة وأنه علم أن هذا الچاكت كان لرجل مسن وكان يعانى من مرض الزهايمر ولذلك كان يكتب مكان ثروته وارقام خزنته ويحتفظ بها بأستمرار في جيبه حتى نسي أيضاً أنه وضع هذه الورقة في هذا الچاكت وقام بأعطائه لشخص فقير الذي باعه بعد ذلك لأحد محلات الملابس المستعملة.. وإن كل الثروة ومصير المسن وعائلته متوقف على الأرقام والجملة المكتوبة في الورقة .
تسأله أمه وماذا ستفعل ؟؟ ..يرد عليها ولازال لهيب الإهانة من تصرف صاحب الإعلان داخله .. ويخبرها أنه لا يريد أعطاء الورقة ….. بسرعة تستوقفه وتلومه على قراره وتطلب منه عدم رد الإهانة بأنتقام وربما هذا الشخص المتعجرف يستحق العقاب ولكن لا تنظر له فقط .. ولكن أنظر لمن خلفه ومن سيعاقب بسببه .
في حياتنا نتعامل ونتقابل مع من لا يستحقون .. ولكن للأسف ستجد خلفه عائلة وأسرة ليس لهم ذنب فأنظر لهم وليس له .
وأجعل غضبك داخلك ولا تترجمه لأفعال أو تصرفات لن يتأثر به شخص ولكن سيتأثر بها أسرة بأكملها.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.