مقالات ووجهات نظر

مقال في حدوته عبده بيه المهم

بقلم / هشام سطوحي

على أحدى الكافيهات الشيك في منطقة المهندسين نرى عدد من الرجال جالسين بتآهب وكأنهم في أنتظار شخصية هامه
لحظات ونسمع واحد منهم و بحماس يبشر الأخرين بوصول عبده بيه .. وبحالة من التملق أكثر منها أن تكون أحتراما يفسحوا له ليجلس في أحسن مكان .
وبعد جلوسه يحاول كل شخص أن يختار مكان ليكون قريب منه .
ونرى عبده بيه رجل يتقمص وبأتقان دور شخصية رجل مهم جداً .. قليل الكلام غامض ملامحه كلها حدة .
وبتهافت يسأله الجميع عن رغبته في تناول مشروب معين أو أحضار أى شيء يتمناه .. ولكن بأسلوبه الذي يقترب الى التكبر والتعالى يرفض تناول أى شيء وذلك لضيق وقته الشديد وأرتباطه بموعد هام مع أحد المسؤولين المرموقين بالدولة.
وبشكل أقرب الى التوسل كل واحد منهم يطلب منه مصلحة ما .. منهم من يريد أن يعين أبنه في أحدى الوزرات المرموقة ذات الدخل العالى وأخر يريد ألحاق أبنه في أحدى الكليات العسكرية وأخر يريد قطعة أرض مميزة في أحدى المدن الجديدة…..الخ.
وبكلمات مقتضبة وقليلة وحاسمه يطلب منهم أن يكتب كل شخص طلبه في ورقة ومعها رقم تلفونه وسوف يقوم هو بالأتصال بهم .
وبالفعل كان كل شخص جاهز بطلبه ورقم تلفونه لمعرفتهم المسبقة بقيمة وقت عبده بيه الثمين .
وبعد عدة أيام أتصل بهم عبده وبشكل منفرد .. واخبر كل واحد منهم أن يقوم بتقديم طلبه بشكل عادى و روتينى وحسب الإجراءات المتبعة .. وأنه سوف ينهى لهم طلبهم بعلاقاته الجبارة المتشعبة وبدون ظهوره في الصورة نهائياً حفاظا على سرية المسؤولين و مقابل هذه الخدمة 100 الف جنيهاً غير قابله للتفاوض .
ومن كان يحاول حتى المناقشة معه في بعض التفاصيل أو تخفيض المبلغ يغلق السماعه في وجهه بعصبية.
وفعلا أستطاع أن يجمع مليون جنيهاً مقابل تقديم عشرة خدمات لعشرة رجال .
ودعونا نذهب لحياة عبده بيه الحقيقية لنجده موظف بسيط في أحدى المصالح الحكومية .. ولكن يجيد وبشكل أحترافي أتقان دور (عبده بيه المهم) صاحب النفوذ .
ليس له علاقات نهائياً ولا حتى يقوم بأي شيء أطلاقا وأكبر معارفه ربما يكون غفير نظامى في أحدى القرى الريفية .. وكل ما يفعله هو الرد من حين لآخر على أصحاب المصالح بطريقته وبثقة يخبرهم أن طلبهم في أيدا أمينة و قيد التنفيذ والمتابعة ولا داعى للقلق.
وتأتى ساعة الحقيقة وتظهر النتيجة لنجد من بين العشرة طلبات تمت الموافقة بالفعل على طلبين اثنين وبشكل عادى وعادل وبدون تدخل أى أحد نهائيا
وبسرعة يذهب لأصحاب الطلبات المرفوضة أولاً ويرد لهم المال بالكامل ويتأسف لهم ويخبرهم انه حاول بشتى الطرق ولكن للأسف لظروف خارجة عن أرادته لم يتم الموافقة على طلباتهم.
وطبعا بعد رد المال لا يستطيعون أتهامه بالنصب أو الأحتيال.
ويذهب لأصحاب المصالح التى تمت الموافقة عليها وبكل عنجهية يخبرهم انه قام بمجهود فظيع خرافي لإنهاء طلبهم وبالتأكيد يفوز ب 200 ألف جنيهاً .. وربما يطلب منهم المزيد .
وهنا نأتى إلى المشكلة الحقيقية أو الأداه التى يستغلها في النصب .. أن أصحاب الطلبات الموافق عليها هم الذين يقوموا بعمل دعاية له أعتقادا منهم أنه صاحب الفضل بعلاقاته الخطيرة الرهيبه الفظيعه في قبول الطلب وبدونه كان الطلب مصيره الرفض .
وبدون طلب منه وبتطوع منهم يقوموا بعمل دعاية له عند أقاربهم ومعارفهم ليس لها مثيل .. وفي الموسم التالى يكون قد أصبح له زبائن جدد من راغبين الخدمات ويكرر نفس الشي.
وفي النهاية أنا لا أنفي أطلاقا وجود وساطه في مجتمعنا ولو أنكرت هذا لا استحق منكم قراءة حرف واحد لى .. وبالطبع لا أشجع عليها ولكن يجب الإنتباه أن نوعية عبده بيه أصبحوا كثر في مجتمعنا وأصبحت طريقة مبتكرة للنصب والأحتيال .. فرجاء الحذر والأنتباه ولا تجعلوا انفسكم وقود لهؤلاء النصابين.


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

مقالات ذات صلة