مقالات ووجهات نظر

مقال في حدوته. مواطن ترانزيت

بقلم /هشام سطوحى

عاد من غربته وفي عيونه اشتياق للأماكن التى فارقها من سنين .. وعلى إحدى المقاهي الشعبية جلس بين أصدقاء الطفولة يرتدى الماركات العالمية والهاتف باهظ الثمن والساعة الخرافية يحدثهم عن التقدم والرخاء الذى وصلت إليه بلد المهجر .
لم تمر سوى دقائق ويجلس بالقرب منه أحد الرجال الذي يمتاز بالهدوء والحكمة .. وأحس أن أسلوب المهاجر به سخرية وتقليل من وطنه
وبشكل مباشر يسأل المهاجر أتعرف من أكثر الناس حزناً إذا تقدمت البلاد !؟.
وقد انتبه له المهاجر وبتلقائيه يرد عليه
المهاجر / اكيد أعدائها.
الحكيم /وأولادها المغتربين والمهاجرين .
بغضب
المهاجر/ دي تهمه خطيره يا أستاذ ؟!
الحكيم/ هشرحلك قبل ما تزعل .. اي حد سافر وترك البلد بيبقى عايز حاجتين .. الأولى انه يفضل على طول حاسس انه اختياره في السفر صح وانه ترك بلد مافيهاش أمل وأن عمرها ماهتتقدم .. والثانيه علشان الفلوس اللي بيعملها بره وبسبب فرق العمله بيجي هنا حاسس أنه مميز وأنه ناجح مش مهم بره بيشتغل ايه المهم عنده يجي إجازته كل كام شهر أو سنه ويتمنظر على اهل بلده .. وممكن يكون بره بيشتغل شغلانه كانت لو اتعرضت عليه هنا في بلده مايرضاش ويتكبر ويعتبرها مش مناسبه أو مش من مقامه وهتقلل من كرامته .
المهاجر / بس برضو يا استاذ لو كان اخد حقه في بلده ماكانش سافر !.
بهدوء الحكيم / انت سافرت وانت عندك كم سنه ؟؟ .
المهاجر/ حوالي عشرين سنه .
الحكيم / شاب عنده عشرين سنه ايه اللى شافه وايه الانجاز اللى عمله علشان يقول انا ماخدتش حقي ؟! .. انا مش بعمم وعارف ان في ناس معجونه بحب بلادها وناس رجعت وساعدت و وقفت جنب بلادها و الأمثلة كتير .. بس النسبه كام ؟! .. لما يبقى عندك ملايين بره مهاجرين تقدر تقولي كام من الملايين دي ردوا الجميل لبلادهم زي الأمثله المشرفه اللي احنا نعرفها ؟ .. لو كل واحد مسافر عارف انه لبلده حق عليه ويفكر ويبقى عنده الرغبه الحقيقيه انه يقف جنبها ويتمنى ليها انها تكون بلد متقدمه عظيمه صدقني احنا هنبقى في حته ثانيه خالص
المهاجر /و ايه المطلوب مننا ؟! .
الحكيم / المطلوب .. وهو راكب الطائرة وسايبها يكون حاطط في عقيدته إزاي يرجع ويفيدها وأنه مسافر علشان نفسه وكمان علشان بلده .. مش مسافر وهو مقرر انه خلاص كان عنده بلد ..
جزء كبير من نهضة الدول الغربية كانت بسبب أولادها أيام ما كانت بلادهم متخلفة ورجعية وعايشه في الظلام ..جاءوا على بلادنا اللي كانت في قمة عظمتها ونهضتها و اخذوا خبرات واتعلموا واجتهدوا ورجعوا لبلادهم وساعدوها باللي أتعلموه .. لحد ما هما بقوا كده واحنا بقينا كده ؟!.
المهاجر / وده دور أفراد ولا حكومات ؟! .
الحكيم / الحكومات طبعا لها دور اكيد بس برضو مش هتركب جرس تنبيه لكل واحد وتشحت منه حبه لبلده .. لازم يبقى قرار ورغبه طالعه من جواك انت .. انا عارف انك ممكن تكون بتحب بلدك يمكن كمان اكثر مني برغم اختلافنا بس أعتبر كلامي ده مجرد دردشه وتنبيه أو عتاب لاخواتنا اللي مسافرين ومهاجرين بره .. عايزين زي يعقوب وزويل وعازر والباز كثير كثير قوي ودا مش تفضل .. دا واجب وحق عليك لبلدك.
وفي النهاية أحب أقول لكل مهاجر زعل من كلامى .. كدا يبقي أنت المقصود و عندك مشكلة وراجع نفسك.


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

مقالات ذات صلة