مقال × حدوته “اللعبــة”

مقال × حدوته “اللعبــة”
حارة صغيرة، كان فيه ماتش كورة بيتلعب كل جمعة بين ولاد المنطقة.
الكل عارف إن اللعبة دي مش مجرد تسلية .. دي مسابقة شرف، واللي بيكسب فيها بيبقى “كابتن الحارة” لحد الجمعة اللي بعدها.
قبل الماتش، كل واحد يبدأ يوعد الناس:
– هخلي الحارة أنضف .. وهجيب كورة جديدة .. وهنعمل فريق رسمي .
الناس تصقف، والولاد يهللوا .. لكن أول ما تبدأ اللعبة، الكورة تبقى في رجلين تانية، والوعود تتطاير زي تراب الماتش.
في النهاية، اللي بيكسب مش دايمًا اللي عنده مهارة .. اللي بيكسب هو اللي بيعرف يلعب اللعبة صح .. يعرف إمتى يضحك، وإمتى يزعل، وإزاي يسيطر على الجمهور بحركة أو كلمة .. وبعد الماتش؟.
اللي وعدوا الناس نسيوا وراحوا يشربوا عصير قصب .. واللي خسر، قعد يحلم إنه المرة الجاية هيفهم اللعبة أكتر.
الغريب إن الناس كل جمعة بتصدق من جديد .. تنسى اللي فات وتقول: يمكن المرة دي تختلف .
لكن الحقيقة البسيطة إن اللعبة نفسها ما بتتغيرش،
اللي بيتغيّر بس هو اللاعبين.
أنا مش ضد إن الإنسان يحب نفسه .. ده حق طبيعي وفطري، قانون كوني اسمه حب البقاء.
لكن المشكلة تبدأ لما يتحوّل حب الذات لأنانية عمياء .. لما تبقى الغاية هي الكرسي مش الخدمة، والمجد الشخصي مش المصلحة العامة.
الناس اللي صوتت لك مش ديكور في المشهد،
دول السبب اللي خلاك تدخل “الملعب” أصلاً.
ولو نسيتهم، اللعبة هتفضل لعبة .. بس من غير جمهور.
وفي النهاية .. الحدوته دي مش عن ماتش كورة في حارة .. دي عن إنتخابات مجلس الشعب اللي كل موسم بتتكرر بنفس الوعود، بنفس الحماس، وبنفس النهاية.
اللعبة واحدة، بس اللاعبين بيتغيّروا .. والمتفرج الشعب لسه قاعد في المدرجات .. مستني يشوف المرة الجاية .. هل اللى هيكسب هيكون صادق بجد؟ .
سيب اللي يصرف يصرف، واللي يدفع يدفع،
بس صوتك .. خليه أمانة في رقبتك.
اتعب شوية واسأل:
مين فيهم فعلاً يستحق؟
مين فعلاً ممكن يخدمك مش يخدم نفسه؟
ساعتها بس .. يمكن اللعبة تتحول من “ماتش مصالح” لـ “ماتش ضمير”،
ونقدر نقول .. إن اللعب بقى نضيف بجد.
مقال × حدوته “اللعبــة”
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

