
مقال x حدوته
مقال x حدوته كيف تصنع زبون كانت تصحى بدري… قبل الشمس ما تمد ضهرها على السما…تقوم من غير شكوى، ومن غير كلمة ضجر… تلحق تعمل السندوتشات، وتجهّز الشنط، وتراجع على ملابس ولادها كأنها بتجهّز جنود لحرب مش أطفال لحياة.
وبعد ما تودّي ده مدرسته وده حضانته… تجري على شغلها، تتعب هناك قد ما بتتعب في البيت… ويمكن أكتر.
ولو سألتها عن الراحة؟
تبتسم ابتسامة أم وتقول:
“الراحة؟ دي لما يناموا بخير.”
خلصت شغلها… رجعت البيت.
مش عشان تقعد… لكن عشان تبدأ فصل جديد من معركتها اليومية
إزاي أحمي ولادي من الانحراف؟
إزاي أحافظ على صحتهم؟
و طبعًا بالرياضة.
وفعلًا… تاخد أبنها اللي بيحب لعبة فردية، وتبدأ الرحلة.
رحلة المفروض إنها تبني شخصية، وتعلّم انضباط، وتدي قوة وثقة بالنفس.
لكن الحقيقة إن الطريق اللي كان المفروض يصنع “بطل”… بقى مصنع كبير لتجميع الفلوس.
أول خطوة:
“لو سمحتي يا مدام… عايزين رسوم الاشتراك.”
تاني خطوة:
“البدلة لازم تتجاب من المحل الفلاني… أصل خامته غير.”
وبعدين:
“في بطولة الشهر ده… لازم تدفعوا.”
“رسوم اختبار الحزام.”
“رسوم الكارت.”
“رسوم الانضمام للأكاديمية.”
“ورسوم ورسوم ورسوم”
وكأن الطفل مش لابس بدلة رياضية
ده لابس “فاتورة”.
والأسرة؟
تدفع من قوت يومها…
تشد على نفسها…
وتصبر…
علشان ميبقاش في يوم ابنهم باصص لهم ويقول:
“إنتوا قصرتوا معايا.”
والأم زي أي أم قلبها ضعيف قدام الكلمة دي.
فتدفع… وتسكت… وتستحمل.
لكن مع الوقت… تظهر الحقيقة الصادمة:
إحنا مش بنصنع بطل.
إحنا بنصنع زبون.
طفل بيتعامل مع اللعبة مش باعتبارها حب أو شغف…
لكن باعتبارها عبء ومصاريف وطلبات.
طفل بيجبر يلعب حاجة هو مش مقتنع بيها… علشان “إحنا دفعنا”.
طفل بيتعلم إن الجهد مش مهم
وإن النجاح مش مرتبط بالعرق
لكن بالاشتراك ،والفلوس، والانضمام للبطولة الفلانية.
ويا سلام بقى لما ياخد هزيمة
مش بس يكسر جواه، ده يكسر أهله اللي دفعوا… فيتعلّم إنه خايف يغلط، وخايف يفشل فيكبر فاشل.
فاشل
مش لأنه مش موهوب.
ولا لأنه كسول.
ولا لأنه مش قادر.
لكن لأنه عاش تجربة رياضية فقدت معناها
واتحوّلت لمشروع إبتزاز طويل اسمه:
“البطولة أهم من الطفل”.
والسؤال المؤلم اللي لازم نواجهه:
هل الأطفال محتاجين رياضة؟
طبعًا
لكنهم محتاجينها رياضة…
مش “سبوبة”
محتاجين مدرب يربي قبل ما يدرب.
أكاديمية هدفها تكوين إنسان مش عدّاد فلوس.
محتاجين إننا نفتكر إن اللعب هو اللي بيصنع بطل…
مش الفاتورة
وإلا
هتلاقي نفسك من غير ما تقصد .. بتساهم في أكبر مشروع ممكن تعمله بايديك…
كيف تصنع زبون؟
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

