مقالات ووجهات نظر

مكبور أم مقبور 

مكبور أم مقبور 

مكبور أم مقبور

علي بن أحمد الزبيدي

مكبور أم مقبور

كثيرا ما تجمعنا المجالس فنسمع كلمة ” مكبور ” ونرددها جيلًا بعد جيلٍ وكأنها قرآنٌ منزل لا يقبل التغيير أو التبديل ، وكلمة ” مكبور ” لمن لا يعرفها هي كلمة تَعنِي أن هناك من هو أكبر مني .

وتستخدم هذه الكلمة كثيرًا بين أهل البادية وأهل القرى والهجر وإن كادت تتلاشى بين أهل الحاضرة .

لكنها ربما تكون موجودةً هناك بأساليب أخرى ،

كصاحب الجاه وصاحب المال وصاحب الحظوة وصاحب الرأي المبجل !.

وهذه الكلمة رغم أنها سهلة النطق وقليلة الحروف إلا أنها تعُد أكبر وسيلةٍ للقتل والهدم والإغراق وكل أنواع الدمار ،

فهي وإن كانت كلمةً إلا أنها تَقتُل روح المبادرة عند الآخرين وتهدِم الأفكار الهادفة وتُغرِق الشباب في زمن الغابرين !.

إنَّ كلمة “مكبور ” التي يتغنى بها البعض ظنًّا منه أنها بابٌ من أبواب الرجولة والعادات القبلية الحميدة لهي ممّا يمقته الإسلام ،

فديننا يأمرنا بالاستقلالية في التفكير والرأي وعدم تسليم العقل للآخر دون وعي ،

بل إن الآيات القرآنية في مجملها تدعونا للتفكر والتدبر والتأمل وعدم الركون لما كان عليه آباؤنا وأجدادنا ،

فلربما كانوا على خطأٍ ولربما أن تغيير الأزمنة والأمكنة يجعل من بعض الآراء غير صالحة لكل زمان ومكان ،

وإن المتأمِّل لسُنَّة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – ليجده يُفسِح المجال لصغار السن ويحادثهم ويَقبَل رأيهم ولا يتعصب لرأي كبير لكبره ولا لصاحب جاه لجاهه ولا لقريب لقربه ولا لصاحب مال لماله ،

بل كان يقبل الرأي حين يجده صائبًا من أي شخص كان وقيل : ( الحكمة ضالة المؤمن فحيثما وجدها فهو أحق بها ) وإن ما نراه اليوم من الإستبداد بالرأي أو الركون لرأي دون رأي أو استخدام الفيتو ” مكبور ” لهو تعطيل لعقول الشباب ووأدٍ لأفكارهم ،

لذا يجب على الشباب قبل كبار السن أن يلغوا من قواميسهم كلمة ” مكبور ” لأنها تعني بأن الشخص الذي يؤمن بها هو ” مقبور ” وإن كان حيّا ، ولذا يجب أن نعلم أن لكل شخص كلمة يجب أن تُسمع ،

ولكل شخص رأي يجب أن يحترم ،كما يجب على كبار السن وأصحاب الوجاهات أن يتركوا الوصاية على عقول الآخرين وليعلموا أن الزمن قد تغيّر وأن كلمة ” مكبور ” أصبحت من الماضي !

*همسة الختام*

قف دون رأيك في الحياة مجاهدًا ***

إن الحياة عقيدة وجهاد

شعر أحمد شوقي

 

مكبور أم مقبور


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة