
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي رحلة الضوء من قلب الظلال
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي رحلة الضوء من قلب الظلال منذ تأسيسه عام ألف وتسعمائة وستة وسبعين يعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي واحدا من أقدم وأهم المهرجانات السينمائية في العالم العربي وإفريقيا
وواجهة ثقافية تعكس مكانة مصر الرائدة في صناعة السينما على مدار دوراته السابقة لم يكن المهرجان مجرد منصة لعرض الأفلام بل مساحة للحوار بين الثقافات
واحتفاء بروح الإبداع الإنساني وفي كل دورة يشكل الملصق الرسمي للمهرجان عملا فنيا قائما بذاته يعبر عن فلسفة الحدث وهويته البصرية
وفي الدورة السادسة والأربعين لهذا العام يأتي البوستر بتصميم استثنائي يجمع بين الفخامة والرمزية ويقدم قراءة جديدة لعلاقة الفن بالنور والسينما بالحياة
من النظرة الأولى يأسرك المشهد الذهبي الذي تتوسطه حمامة بيضاء تحلق في فضاء من ضوء يتسلل بين صخور شامخة وأغصان خضراء على الجانبين
يمتد شريط الفيلم السينمائي كإطار يرمز إلى التاريخ والذاكرة فيما يتعمد المصمم أن يجعل مركز التكوين مفتوحا نحو الأفق وكأن السينما المصرية تحلق من جديد نحو المستقبل
اللون الذهبي هو البطل الحقيقي في هذه اللوحة إذ يعبر عن الفخامة والخلود بينما توازن الظلال الداكنة تمنح المشهد عمقا وغموضا يشبهان سحر الشاشة الكبيرة
أما الإضاءة الصاعدة من الأسفل إلى الأعلى فهي ليست مجرد معالجة فنية بل رمز للنهضة ولرحلة الفن من الظلام إلى النور في تماه جميل مع رسالة السينما كفن يوقظ الوعي ويبعث الأمل
تتجلى في البوستر أيضا ملامح الهوية المصرية من الخط العربي الأنيق إلى شعار وزارة الثقافة المصرية وتمثال المهرجان في أسفله في تذكير دائم
بأن هذا الحدث ليس مجرد تظاهرة سينمائية بل إحتفال بتاريخ وثقافة وذاكرة تمتد جذورها إلى عمق الحضارة
ورغم بساطة التكوين إلا أن العمل لا يخلو من فلسفة عميقة تحول الصورة إلى فكرة فالحمامة ليست مجرد عنصر زخرفي بل رمز للسلام الإنساني
الذي تتشارك السينما في نشره كما أن الإطار السينمائي الذي يضم المشهد يوحي بأن الحياة نفسها قد صارت فيلما مفتوحا على احتمالات الجمال
من الناحية النقدية يمكن القول إن البوستر يميل إلى المدرسة التأملية أكثر من كونه دعائيا مباشرا ما يجعله يخاطب العين والعقل في آن واحد
وربما كان يستحسن لو أضيفت لمسة لونية ثانوية تكسر هيمنة الذهب لكنها ملاحظة لا تقلل من رصانة التكوين ودقة الرمز
في النهاية يقدم بوستر الدورة السادسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي صورة بصرية بليغة
تعبر عن مكانة المهرجان كجسر بين الماضي والحاضر وكرمز لفن لا يتوقف عن التحليق إنه ليس مجرد إعلان
بل قصيدة ضوء تقول إن السينما المصرية لا تزال تنبض وتعرف طريقها نحو الأفق
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.