الدين والحياةقصائد شعرية وأدب

مولد النبي ﷺ وانبعاث النور

بقلم: د احمد رضا قاسم

مولد النبي ﷺ وانبعاث النورمولد النبي ﷺ وانبعاث النور

في قلب صحراء العرب، حيث كانت الظلمات تكتنف العقول، وتُعبد الأصنام، وتُوأد البنات، بزغ نورٌ لم تعرف الأرض له مثيل. في عام الفيل، وُلد محمد بن عبد الله ﷺ، فكان ميلاده نقطة التحول الكبرى في تاريخ البشرية، حيث بدأت رحلة النور التي أخرجت الإنسان من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.

إشراقة في زمن الظلمة

لم يكن ميلاد النبي ﷺ حدثًا عابرًا، بل كان بداية لعهد جديد، حافل بالقيم، والمبادئ، والعدالة. لقد شاءت إرادة الله أن يولد هذا النور في مكة، مهبط الوحي، ومنطلق الرسالة الخاتمة، ليكون رسولًا إلى العالمين، لا إلى قومٍ دون قوم، ولا إلى زمن دون زمن.

وقد رُوي أن أمّه، آمنة بنت وهب، رأت نورًا خرج منها يوم ولادته أضاء قصور الشام. لم يكن ذلك النور مجرد إضاءة عابرة، بل كان رمزًا لما سيحمله هذا المولود من رسالة خالدة، تضيء للناس طريق الحق والهداية.

الرحمة المهداة لقد وصفه ربه بقوله:

“وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين” [الأنبياء: 107].

ومنذ نعومة أظفاره، تجسّدت في شخصه ﷺ معاني الصدق، والأمانة، والعدل، والتواضع. وكان قبل البعثة يُعرف بين قومه بـ”الصادق الأمين”. وما إن بدأ بتبليغ الرسالة، حتى صارت الرحمة منهاجه، والحكمة سلاحه، والحب ديدنه في دعوة الناس، حتى لقي ما لقي من الأذى بصبرٍ وثبات.

ميلاده فكرة ونهضة أمة

حين نتأمل مولده ﷺ، لا نتحدث فقط عن ميلاد شخص، بل عن ميلاد فكرة عظيمة، ومشروع إنساني شامل، غيّر مجرى التاريخ، ونقل البشرية من غياهب الجهل إلى نور العلم، ومن الفوضى إلى النظام، ومن التفرقة إلى وحدة العقيدة.

لقد علّم العالم أن القيم لا تُفرض بالقوة، بل تُزرع بالموعظة الحسنة، وأن القيادة الحقة لا تقوم على التسلّط، بل على الرحمة والتواضع والعدل.

رسالة متجددة

في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث، وتضيع فيه البوصلة الأخلاقية أحيانًا، يظل مولد النبي ﷺ تذكيرًا دائمًا بأن النور لا ينطفئ، وأن القيم التي جاء بها لا تزال قادرة على إصلاح المجتمعات، وإلهام الأفراد، وتوجيه الإنسانية نحو مستقبلٍ أكثر عدلًا وإنسانية.

خاتمة

إن الاحتفاء بمولد النبي محمد ﷺ لا ينبغي أن يكون مجرّد مناسبة عابرة، بل هو دعوة للتأمل في سيرته، واستلهام معانيها، ونقلها إلى واقعنا المعاصر.

هو مناسبة لتجديد العهد مع القيم التي جاء بها، ولجعل النور الذي وُلد في مكة، مستمرًا في القلوب والعقول والأفعال.

فما أحوج العالم اليوم إلى نور محمد… وإلى رحمتهً وعدله

 

 

مولد النبي ﷺ وانبعاث النور


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

أحمد حمدي

نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام التنفيذي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading