نَـعِـيـمُ الفَقْــر شعر د.ناصر الدسوقي   

نَـعِـيـمُ الفَقْــر

شعر د.ناصر الدسوقي 

أَلقَى بِنظرَتِهِ على حالِي العَسِير
وظَـلَّ يُحْـدِقُ مُقـلتيهِ ويـستـدير
أَخَذَ الشَّهِيقَ بِشِدَّةٍ خَرَجَ الزَّفِير
يَرى السُّـؤالَ كأنما المُرُّ المرير
وقالَ لَمْ أَشهَدْ لِمِثلِكَ فى القُـرى
وأرى لِفَقـرِكَ مُدقِعٌ بل مُستَطِير
مَن أنتَ فى هذِي الحياةِ بِحَقِّ مَنْ
جَعلَ المِياهَ لَدَى الجَداولِ بِالخَرِير
فَهُـدِيـتُ أَنْ آتِـي إلـيهِ بِـبـسـمَـةٍ
على الشِّفاهِ تَملَّكَتْ وَجهِي النَّضِير

https://masaaraby.com/?p=360592&preview=true
قـد قَـسَّـمَ الأرزاقُ رَبِّـي بـيـنـنـا
أنا الـذى وَقعـتُ لِللفْقـرِ الأسـيـر
وبِعضُ مِن خُبزٍ مُشَمَّسِ مُطعَمِي
ويصيرُ عـيدٌ يومَ أَن أجِدَ الفطير
واللحمُ أَعـرِفُ اِسمَهُ مِن ذِكرِكُم
وَلئِنْ وَجـدْتُ لأمـلأُ الدنيا صَفِير
الـبعـضُ يأتي بالـذَّبـائِحُ قُــربَــةً
ويكونُ خَيـرًا إِنْ أتَى الحَيَّ قدِير
مِنـكُـم يُـبـدِّلُ فى المَـنـامِ أَسِــرَّةً
وفى الدَّارِ لَمَا مَلكْتُ سِوَى سرير
هوَ للَصِّغَـارِ لِيرتَمُـوا بِجُنُـوبِهِـم
البعـضُ مُبتَسِـمٌ وآخـرُ مُستَعـيـر

https://www.facebook.com/groups/2004366466535948/?ref=share&mibextid=NSMWBT
وجَعـلتُ مِن نَعـلِي القديمِ وِسـادَةً
وفَرَشتُ بالأرضِ المُبلَّلةِ الحَصِير
والنَّجْـمُ فى العَلْيـَاءِ صـارَ مُدَثِّرِي
والقَمَرُفي جَوفِ السَّماءِ لنا مُنِيـر
والـثَّـوْبُ رثٌّ لَـمْ يعُـدْ كـثـِيــابِـكُـم
والجِلـدُ صـارَ كأنَّمـا جِلـدُ البَعـيـر
والجُـوعُ لَـمْ يُصبِحْ يُلِمَّ بِنا الأذى
نلهُـو به كَـدُمـيةٍ بِـيـدِ الصَّـغِـيــر
سَعَـفُ النخيلِ يُجِيرُنا إِنْ أَمْطَرتْ
والنارُ نُشعِـلُ إِنْ أِشْتَدَّ الزَّمهريـر
البـردُ قـد أَمْسَـى صـديقًا حـينمـا
البعضُ يَرْقُدُ بِالفِراشِ على الحَرير

والشَّمسُ قد رَسَمَتْ بِوجهِيَ سُمرةً
لوغـازلَـتْـكَ الـوجْــهَ لهـا تـُـدِيـــر
أَمَّـا الـبُـقُـولَ فـلا عَــداوَةَ بـيـنـنـا
ولا استطـاعَ بِـأَنْ يُسِيغَ لها يسير
أَسعَـى لِرِزقِيَ لإِنْ رُزِقـتُ فحـامِدٌ
وإذا أُمتُحِـنتُ فلا تَضَجُّـرَ لا نَفِـير
لَمْ أُشغِـلِ النَّفْـسَ العَـصِيَّةَ أَمْـرَهـا
لا ضَيْـرَ لِى فيمـا أَرَادَ بيَ القَـدِيـر
ولئِنْ ضَجَـرتُ فلا سَبِيـلَ لِمَهْـرَبٍ
فاللـه باللطـفِ الخَـفَـيِّ لنا يُجِـيـر
فالُّلـطْـفُ لامــالٌ بِجَـوْفِ خَــزَانَـةٍ
ولا حُـلِــيٍّ وَزْنَ قِـنـطــارٍ كـثـيــر

ولا عَـيـِيـتُ لَـمَــا ابـْنِـيَ حَـقَّـــه
قـد نـالَـهُ بِـسَـطـوتِـهٍ حـقــيــــــر
لا هَـمَّـنِـي نَوْمِـي بِحَـافَّـةِ دَربِنـا
بَل هَمَّنِي أَنْ يَفقِدَ القَـوْمُ الضَّمِير

نعيم الفقر

من ديوانه الخامس 

جليدٌ على حافةِ البركان 

ناصر الدسوقي