الدين والحياة

هو ثياب ال البيت النبي محمد

هو ثياب ال البيت النبي محمد

هو ثياب ال البيت النبي محمد

      د/ أماني نور 

اللون الأخضر، اللون الإيجابى المتميز بالعطاء والنماء والخير والأمان.لون الراحة النفسية، ومستراح البصر، وباعث السرور والبهجة في الأنفس المرهقة.

هو الهدوء والسكينة والسلام والنعيم والجمال والعذوبة.

هو دلالة الحياة في الأرض، والداعي للاستقرار والسكينة، والمبشر بالخير والخصوبة والراحة والأمان.

لاشك أنه من أفضل الألوان وأشرفها، وقد اختاره الله لأهل الجنة

هو لون الإخلاص والخلود والدعوة للصفاء الروحي، والتأمل في عطايا الله، والمُبشِر بأن به ومعه خير المستقر والمقام.

هو سر الحياة، وسر النضارة، وسر الخلود. وسر الرضا، وسر النعيم.

هو اللون الذى تطمئن إليه النفس، ويطرب به الفؤاد، وتحبه الأرواح، وتهواه الأعين.

لَبِسه النبي ﷺ كما في الترمزى عَنْ ‌أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: “رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ”، وقال: “هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ” وصححه الألباني.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار عن هذا الحديث: ” وَيَدُلُّ على اسْتِحْبَابِ ‌لُبْسِ ‌الْأَخْضَرِ؛ لِأَنَّهُ لِبَاسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُوَ أَيْضًا مِنْ أَنْفَعِ الْأَلْوَانِ لِلْأَبْصَارِ، وَمِنْ أَجْمَلِهَا فِي أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ”.

وقال “الحافظ” في الفتح: (قال ابن بطال: الثياب الخضر من لباس الجنة، وكفى بذلك شرفًا لها).

اللون الأخضر تميز بوروده في أغلب آيات الله مريحًا رقيقًا، داعيًا للسكينة والهدوء والبهجة، أتت كلمة “الأخضر” مرة واحدة تعبيرًا عن قدرة الله في تبديل الأحوال وإخراج الميت من الحي واليابس من الندى الرطب؛ لينعم الناس ويستفيدون باحراقه.

قال تعالى في سورة يس {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ},وأتت كلمة ”خُضْرٍ” منونة بالكسرة في 3 مواضع، في سورة يوسف موضعان; ليدل فى السنبلات على الخير والخصوبة والامتلاء بالحياة والأمان للبشر.

الأول في قص الملك لرؤياه: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}- الثانى في قول الرسول لسيدنا يوسف عليه السلام: {يوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ}- أما الحالة الثالثة فقد كانت في سورة الرحمن وصفًا للأرائك المتأرجحة في الجنة بأهل النعيم، بحركة سلام تتهادى بالمتكئين عليها في وداعة وهم مستقرين يشعرون بالأمان.

وسبحان من أراد وصفًا مُرغِّبًا في الأرائك فاختار لها الأخضر فوق وصفها بناعمة أو مريحة.

تأملوا قوله تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } وقد أوضح المفسرون في المراد بالرَّفرف على ٣ أقوال: أحدها ما رواه العوفى عن ابن عباس: فضول المجالس والبُسُط.. وقال أبو عبيدة: هي الفُرُش والبُسط.. وقال النّقّاش: الرّفرف: المجالس الخُضْر فوق الفْرُش. 

وثانيها: أنها رياض الجنّة خضراء مخصبة.

وثالثها قول الحسن: أنها الوسائد.. وما أروع ما تَبِع الأرائك الخُضر بقول عبقريٍ حسان!! لتُبحر مخيلتك في زخارف وألوان وبهجة فى بِساط الجنة لا تكاد تصل لروعتها أبدا.

 وأتت كلمة ” خُضْرٌ ” منونة بالضمة في سورة الإنسان لرسم لوحة بديعة لما يعلو أهل الجنة من ثياب.

وقد شرف بها اللون الأخضر ليصبح لون ديباجها الرقراق حيث ذكر المولى عز وجل: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا }- كما أتت كلمة خُضْرًا منونة بالفتحة في قلب لوحة وصف النعيم الذى يتمتع به أهل الله وخاصته في جنات عدن يسعدون من تحتهم الأنهار وزينتهم أساور الذهب على الأرائك متكئين وثيابهم من الحرير والسندس لونها أخضر زاهى.

انظروا للوصف البليغ في سورة الكهف: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَار يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا}- وأيضًا أتت كلمة ”خَضِرًا” في موضع واحد بمعنى الزرع أو النبات بعدما منَّ الله على الأرض بالماء فأخرجت خيراتها، وذلك في سورة الأنعام حيث قال تعالى:

{وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}- كما أتت كلمة ”مخضرة” في موضع واحد أيضاً في سورة الحج لتدل على قدرة الله وكمالها في منح الحياة، وإحياء الميت، ونشر الخير بقدرته ولطفه بعباده.

وقد أحيا الله الأرض بعد موتها بعد أن وهبها الماء من السماء فأصبحت مخضرة تزهو بلون الحياة الأخضر.

فهو القادر على إخراج الضد من الضد، وهو على كل شيء قدير، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}- وأخيرًا وقد جاء بالإشارة إليه فى قوله سبحانه في سورة الرحمن {مدهامتان} فى وصف الجنان العلا وهو اللون الأخضر الغامق، كما قال الطبرى عن دلالة هذا اللفظ:”مسوادتان من شدة خضرتهما”.

 سبحان الخالق الذى أبدع في توظيفه وجعله في الأرض والشجر والزرع والثمر ورمزًا للحياة، ومكملًا لنعيم أهل الجنة في ثيابهم ووسائدهم وأبسطتهم.

إنه اللون الذى تميز في الإسلام، معبرًا عن النماء والخير والسكينة يعلو القبة الخضراء في المدينة المنورة على صاحبها صلاة الله وسلامه..

وفرّق بين المسلمين والصليبين بألوانهم البيضاء والحمراء في الحروب الصليبية.

وتشرف بوجوده في الجنة.. وتشرف أنه آية من آيات الله الدالة على قدرته في الخلق والحياة.. وتشرف بوروده فى القرآن 8 مرات.

انظروا للحبيب ﷺ حينما أراد أن يُرَغِب في المال، ويحببه لنفس السامع، وصفه بالأخضر كما فى حديث حكيم بن حزام فى صحيح البخارى، قال: 

سألت رسول الله ﷺ فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: (يا حكيم، إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإسراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى)

أو حينما أراد أن يخبرنا عن ميل الأنفس للدنيا طعمًا ورؤية فقال كما فى حديث أبي سعيد الخدري فى صحيح مسلم عن النبي ﷺ قال: (إن الدنيا حلوة خَضِرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)

 

إنه اللون الذى تطيب به الأنفس بلا شك، وتميل له الأرواح بلا منازع.

 

هو ثياب ال البيت النبي محمد

 

 

 

 

هو ثياب ال البيت النبي محمد


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة