وقت الرمي في أيام التشريق
وقت الرمي في أيام التشريق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
وقت الرمي في أيام التشريق
الحمد لله رفع السماء بلا عماد، وبسط الأرض فكانت نعم المهاد، أحمده جل شأنه وأشكره أتم نعمته على العباد، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له إليه المرجع والمعاد وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى الآل والصحب الأمجاد، وعلى من سار على درب الهدى يبتغي الرشاد أما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن رمي الجمرات في أداء مناسك فريضة الحج، وأما عن وقت الرمي في أيام التشريق، فإنه لا خلاف في وجوب رمي الجمرات الثلاث في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق لمن تعجل في اليومين، وفي وجوب رميها أيضا لليوم الثالث منها لمن تأخر، ولا خلاف كذلك في أفضلية الرمي بعد الزوال فيها، وان الخلاف في أوقاته على التفصيل الآتي.
أولا بداية وقت الرمي في اليوم الأول والثاني من أيام التشريق لا خلاف بين الفقهاء في أن من رمى الجمار في أيام التشريق بعد زوال الشمس فقد أجزأه ذلك الرمي، وإنما الخلاف في الرمي في ما عدا ذلك، حيث ذهب جمهور الفقهاء الحنفية في الرواية المشهورة عنهم، والمالكية، والشافعية عند جمهورهم، والحنابلة عند جماهيرهم، إلى أن وقت الرمي في هذين اليومين يبدأ من بعد الزوال، وذهب أبو حنيفة في رواية إلى أن وقت الزوال هو وقت الأفضلية، ومع ذلك يجوز الرمي من الفجر وقبل الزوال، وقال الكاساني وعن أبي حنيفة إن الأفضل أن يرمي في اليوم الثاني والثالث بعد الزوال، فإن رمى قبله جاز، لأن ما قبل الزوال وقت الرمي في يوم النحر فكذا في اليوم الثاني والثالث، وهذا رأي مروي عن عطاء وطاووس.
وذهب في رواية ثالثة إلى أن من كان قصده التعجيل في اليومين يجوز له أن يرمي في اليوم الثاني من أيام التشريق قبل الزوال، وذلك لدفع الحرج، لأنه إذا نفر بعد الزوال لا يصل إلى مكة إلا بالليل فيخرج في تحصيل موضع النزول، وهذا الرأي هو رواية لأحمد لكنه قال ينفر بعد الزوال، وقد قوى بعض متأخري الحنفية هذه الرواية توفيقا بين الروايات عن أبي حنيفة، ولأن الأخذ به مناسب لمن خشي الزحام وفيه رفع الحرج، وقد استدل الجمهور بفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث رمى في أيام التشريق بعد الزوال، وما رواه البخاري بسنده عن ابن عمر قال “كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا” واستدل أبو حنيفة في رواية، وعطاء وطاووس بأن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم يحمل على السنية والندب، إذ لا دلالة للفعل المجرد على الوجوب.
إضافة إلى أن في ذلك رفع الحرج والتيسير على الناس الذي أكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث سئل في أيام منى عدة أسئلة فقال فيها “لا حرج” كما سبق، واستدلوا كذلك بالقياس على الرمي في يوم النحر بجامع إن كل هذه الأيام الأربعة يوم نحر، ورمي في الجملة، ومن جانب آخر فإنه لا يوجد نص صريح على منع الرمي فيها قبل الزوال، ومن المعلوم ان الواجب لا يثبت إلا بدليل صريح بل يؤكد هذا المعنى الأدلة السابقة، فاللهم إنك أنت القوي فأمدنا بقوتك وإنك أنت الحليم فأسبغ علينا حلمك وإنك أنت الرحيم فأنزل علينا سكينتك وإنك أنت الرزاق فامنن علينا بكريم رزقك وإنك أنت العفو فاسترنا بعظيم عفوك، اللهم انصر إخواننا المسلمين في كل مكان وأمدهم بمدد من عندك وجند من جندك واحفظ ديارهم وأموالهم وأهليهم ورد عنهم بقوتك وجبروتك.
وقت الرمي في أيام التشريق