وهبي يصنع المجد ونبيه يبرر العجز.. دروس من واقع الكرة العربية
كتبت: آية حجاج
أصبحت كرة القدم أو الساحرة المستديرة في هذا الزمن مرآة تعكس شخصية القائد قبل أداء الفريق، لذلك برز اسم محمد وهبي مدرب منتخب شباب المغرب، كأحد النماذج التي تقدم درسًا حقيقيًا في التواضع والعمل الجاد.
لم يكن وهبي معروفًا على الساحة الكروية، لكنه نجح في كتابة اسمه بحروف من ذهب بعد أن قاد منتخب بلاده أسود الأطلس إلى التتويج بكأس العالم تحت 20 عامًا، عقب الفوز على الأرجنتين بهدفين دون رد في النهائي، ليمنح القارة الأفريقية أول لقب مونديال شبابي منذ إنجاز غانا عام 2009 بعدما تغلب على البرازيل بركلات الترجيح على الأراضي المصرية.
لم يكن هذا التتويج وليد صدفة، بل نتاج رحلة مليئة بالتحديات بدأها وهبي منذ توليه القيادة الفنية في شهر مارس 2022، قادمًا من تجربة أوروبية محدودة مع نادي أندرلخت البلجيكي، ثم عمل كمساعد في الفتح السعودي، استطاع الرجل أن يبني جيلًا موهوبًا ومتماسكًا، نقل الكرة المغربية الشابة إلى مستوى جديد من الإحترافية.
_ تاريخ المغرب يُكتب بيد محمد وهبي
قاد وهبي “أشبال الأطلس” لتحقيق بطولة شمال إفريقيا والوصول إلى نهائي أمم أفريقيا للشباب، قبل أن يخسر اللقب لصالح منتخب جنوب إفريقيا، ورغم الانتقادات القاسية التي طالته من الجماهير، ظل ثابتًا على موقفه مؤمنًا بأن الفشل الحقيقي هو التوقف عن المحاولة.
وقال ذلك بالثقة الكاملة في تصريحات لـ “فيفا”: “خسارة النهائي مؤلمة، لكنها ليست فشلًا، قدمنا بطولة رائعة بأسلوب واضح وشجاعة كبيرة، ونحن نسير على الطريق الصحيح”.
وكانا إيمانه بلاعبيه وثقته في مشروعه الفني سر النجاح، فخرج من كل تجربة أقوى، وعلم لاعبيه معنى المسؤولية والتطور الذهني دون أعذار أو مبررات، وهنا يظهر الفرق بين من يملك رؤية واضحة ومن يختبئ خلف الحجج.
_ أسامة نبيه بين الفشل والتبرير
على النقيض الآخر، جاءت تجربة مدرب منتخب مصر للشباب أسامة نبيه لتطرح تساؤلًا حول مفهوم المسؤولية في الرياضة والحياة الرياضية المصرية عمومًا.
وبعد خروج المنتخب من كأس العالم من دور المجموعات بفارق البطاقات الصفراء عن نظيره منتخب تشيلي، لم يعترف نبيه بالخلل الفني أو الإداري، بل اعتبر ما حدث “سوء توفيق”، مؤكدًا أن الوصول إلى المونديال في حد ذاته إنجاز.
قال نبيه في تصريحات تلفزيونية: “أرفض وصف مشاركتنا بالإخفاق، فالإخفاق هو أن تخسر كل المباريات، أما نحن فقدمنا أداءً مقنعًا”، وأضاف أن الهزيمة أمام اليابان ونيوزيلندا كانت “طبيعية”، معتبرًا أن الخروج باللائحة لا يعد فشلًا.
هكذا اختلفت الرؤيتان بين المدربين وهبي الذي حول الهزيمة إلى درس ونجاح، ونبيه الذي حول الفشل إلى تبرير، الأول آمن بقدراته وبمشروعه رغم قلة الخبرة، والثاني احتمى بماضيه وإنجازاته السابقة.
في النهاية، يبقى الفرق بين المدربين ليس في الألقاب فقط بل في العقلية، فمحمد وهبي قدم نموذجًا للقيادة الهادئة التي تصنع التاريخ، بينما اكتفى أسامة نبيه بأن يكون شاهدًا على إخفاق لم يتعلم منه.
وهبي يصنع المجد ونبيه يبرر العجز.. دروس من واقع الكرة العربية
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.