مقال في حدوته مشاركة أسرية
بقلم/ هشام سطوحى
يعود الاب من عمله في ساعة متأخرة يفتح باب شقته ليجد جميع أفراد الأسرة في حالة نوم عميق ولكن أثار دهشته وغضبه أنه رأي حالة من الإهمال والتبذير .. لقد وجد جميع الأجهزة الكهربائية تعمل (انوار .. شاشات TV .. أجهزة التكييف) كلها تعمل بما فيهم الغرف التى لا يتواجد بها أحد .. ثم يدخل إلى مطبخ شقته ليجد بقاية آكل مهمله في كل مكان و لا تصلح للتناول مرة أخرى .
حالة من التبذير والاهمال ليس لها مثيل ومستفزة الى أبعد الحدود .
وهنا سأل نفسه كيف نلوم المسؤولين والحكومه على تدنى الحالة المعيشية ونحن نتحمل جزء من عدم المسؤلية .. نهمل وننتقض المهمل .. نبذر ونلوم المبذر.
وكان يحدث نفسه كيف نستطيع تغيير هذه السلوكيات التى أصبحت تعانى منها كل أسرة ؟.
كيف نجعل ابنائنا مسؤولين مشاركين في المسؤولية في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة التى يعيشها كل بيت ؟؟ .. كيف نغير نمط وسلوك الأبناء من متوكلين معتمدين على الأب كمصدر للدخل .. والأم كمصدر للأنفاق والترشيد والتدبير إلى شركاء فاعلين يتحملون المسئولية
وبعد تفكير خطرت على باله فكرة قرر أن ينفذها.
في صباح اليوم التالى طلب من جميع أفراد الأسرة ان يجتمع بهم لعرض عليهم امرا هام.
واخبرهم ان لديه قناعه تامه أنهم شركاء معه في الراتب الذي يتقضاه نظير عمله .. ولكل فرد في الاسرة حق فيه.
وأنه قرر ان يقوم بتقسيم الراتب بينهم بالتساوي .. حتى نصيبه سوف يكون مثل نصيب أصغر فرد في الأسرة.
وكانوا الأبناء يستمعون للأب وهم في حالة دهشه لأنهم لا يعرفون ما يدور في ذهنه .. ولكن فكرة ان يمتلك كل واحد فيهم مبلغ مجمع كبير كانت تروق لهم جدا.
وبالفعل أخرج الأب راتبه بالكامل وراح يقسمه بالتساوي بين الجميع.
ونرى فرحة الاولاد وهم يستلمون من والدهم نصيبهم وكأن كل فرد حصل على كنز.
وفي سعادة بدءوا يستعدون للأنصراف بالثروة التى هبطت عليهم .. ولكن راح الأب يستوقفهم ويطلب منهم ان يدفع كل فرد منهم نصيبه من فواتير الكهرباء والماء والغاز…الخ.
وبعد ان رأي الدهشه عليهم آخبرهم هذا هو باقي الاتفاق .. وهو ان يدفع كل فرد ما عليه من فواتير مستحقه.
وفعلا دفع كل فرد نصيبه .. ومرة أخرى راح الأب يسألهم هل يريدون تناول الطعام اليوم في المنزل ؟ .
وبحماس أخبروه أنهم سوف يشترون طعام جاهز من الخارج.. بأبتسامه تحمل مغزى أخبرهم أنهم أحرار يفعلون ما يريدون بأموالهم .
ولكن لم تمر سوى أيام قليلة وأكنشف الأبناء أن تناول طعام جاهز من الخارج سوف يكلفهم كل أموالهم في أيام قليلة.
فراحوا يستنجدون بالأب والأم لكى يتناولون الطعام داخل المنزل.
فطلب منهم ان يدفع كل فرد فيهم نصيبه من ثمن الطعام الذي ستقوم الأم بأعداده .. وبعد أن نفذ الأب خطته تركهم عدة أيام ثم بدأ يراقب الوضع.
وبعد فترة وأثناء عودته متأخرا من عمله كالعادة يدخل شقته ليجد الحال تغير نهائيا.
ومظاهر التبذير والأهمال تلاشت .. الانوار الغير ضرورية مغلقة .. جميع الأجهزة الكهربائية الغير ضرورية مغلقة .. حتى أجهزة التكييف تعمل على درجة حرارة معتدلة وغير بارده .
ودخل المطبخ ليكتشف ان الوضع تغير تمام ..لا يوجد بقايا طعام .. والمتبقي من الوجبات في الثلاجة محفوظه بشكل مرتب وصحى.
وظل يراقبهم ليجدهم أصبحوا حريصين على أغلاق الانوار والأجهزة الغير مستخدمه .. وما زاد دهشته وسعادته وجدهم يناقشون الأم في كيفية الترشيد وعدم الإفراط في كميات الطعام المطبوخة .. ولاحظ أنهم قلت خروجهم خارج المنزل لأن الخروج يحتاج مال .
واخيرا نجحت خطة الأب وجعل ابناؤه من مستهلكين .. إلى مسؤولين .
ومع الوقت تغير أسلوب حياة أفراد الأسرة وأصبحت المسؤلية أسلوب حياتهم.
شاركوا ابنائكم المسؤلية ليست فقط بسبب الحالة الاقتصادية التى نعيشها .. ولكن ليكونوا في المستقبل جيل يعتمد عليه.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.