الدكروري يكتب عن الحجاج وتنقيط القرآن الكريم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن الحجاج وتنقيط القرآن الكريم
إن من أجل وأفضل الأعمال التي تنسب إلى الحجاج اهتمامه بنقط حروف المصحف وإعجامه بوضع علامات الإعراب على كلماته، وذلك بعد أن انتشر التصحيف، فقام “نصر بن عاصم” بهذه المهمة العظيمة، ونسب إليه تجزئة القرآن، ووضع إشارات تدل على نصف القرآن وثلثه وربعه وخمسه، ورغّب في أن يعتمد الناس على قراءة واحدة، وأخذ الناس بقراءة عثمان بن عفان، وترك غيرها من القراءات، وكتب مصاحف عديدة موحدة وبعث بها إلى الأمصار، حيث كان الحجاج بن يوسف الثقفي، يرى بتكفير الخارج على السلطان، وطرده من الملة، وفي ذلك قال مخاطبا قطري بن الفجاءة في رسالة أرسلها له “فإنك قد مرقت من الدين مروق السهم من الرمية” وقيل بعد موته أن رجلا رفض الصلاة خلف إمامه.
وقال ما أصلي خلف خارجي، فقال له أحد أئمة البصرة إنما تصلي لله ليس له، وإنما كنا نصلي خلف الحروري الأزرقي، قال و من ذاك؟ قال الحجاج بن يوسف، فإنك إن خالفته سماك كافرا وأخرجك من الملة، فذاك مذهب الحرورية الأزارقة، وبالغ الحجاج في شأن الطاعة، و قمع همم الناس، ونفوسهم، وغاياتهم، فوافق الأمويين في أعمالهم، وأذهب بين الناس أن الخلافة اصطفاء من الله، فلا يجوز الخروج على السلطان، وأما من خرج فقد حل دمه، وسُمي كافرا، وقد شاع مذهب الحجاج في تكفير الخارج على السلطان بعده شيوعا كبيرا، وكان قد ابتدأ قبله، لكنه ثبته، وثبت فكرة الإصطفاء، والحق الإلهي، وبالغ في تعظيم السلطان، وكان للحجاج الكثير من المواقف، والحكايات الشهيرة، والأقوال الفصيحة.
والرسائل، والخطب، والتوقيعات، وله مجموعة أشعار متفرقة، فقصص الحجاج و أخباره كثيرة جدا، وموجودة في كتب التاريخ، ما يدل على عظم نفوذه، ولا زالت أقواله باقية إلى اليوم، ومذهبه في الحكم باقي إلى اليوم، وقيلت فيه الكثير من الأبيات بعد موته، والتي تذمه، كما قيل في حياته، وقيل عن الحجاج أنه كان، بليغا فصيحا، محبا للشعر كثير الاستشهاد به، تقيا، مُعظما للقرآن وآياته، كريما، شجاعا، وله مقحمات عظام وأخبار مهولة، وقيل أنه كان أخفش العينين، أضفعت بصره كثرة النظر في الدفاتر، كان يتزيا بزي الشطار، فيرجل شعره ويخضب أطرافه، وكان يصعد على المنبر فيتكلم بكلام الملائكة، وينزل فيفعل فعل الشياطين.
وكانت العلاقة بين الحجاج وأهل العراق هي من أكثر العلاقات تعقيدا وطرافة، ومن أكثرها ترويعا في التاريخ الإسلامي، فالحجاج وُلي على العراق كارها لأهلها، وهُم له كارهون، واستمرت العلاقة بينهم بالإجبار والإكراه، وكان الحجاج دائم السب لأهل العراق في خطبه، فكثيرة خطبه التي يذكر فيها أهل العراق بشكل سيئ، و التي يرى فيها العراقيون إساءة إلى اليوم، فدائما كان يذكرهم ويقول “يا أهل العراق، يا أهل الشقاق والنفاق ” إلى آخر خطبه، والتي يمعن فيها في ذكر صفاتهم “فإنكم قد اضجعتم في مراقد الضلالة ” وغير ذلك من الخطب الكثيرة فيهم، كراهة منه لهم، وكراهة منهم له.
الدكروري يكتب عن الحجاج وتنقيط القرآن الكريم
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.