الدكروري يكتب عن أصل وتاريخ ملكة سبأ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن أصل وتاريخ ملكة سبأ
لقد ذكرت المصادر التاريخية أن ملكة سبأ، الملكة بلقيس تنسب إلى ذي الهدهاد بن شرحبيل من بني يعفر، فقيل كانت بلقيس سليلة حسب و نسب، فأبوها كان ملكا، وقد ورثت الملك بولاية منه لأنه على ما يبدو لم يرزق بأبناء بنين، لكن أشراف، وعلية قومها استنكروا توليها العرش وقابلوا هذا الأمر بالازدراء والاستياء، فكيف تتولى زمام الأمور في مملكة مترامية الأطراف مثل مملكتهم امرأة، أليس منهم رجل رشيد؟ وكان لهذا التشتت بين قوم بلقيس أصداء خارج حدود مملكتها، فقد أثار الطمع في قلوب الطامحين الاستيلاء على مملكة سبأ، ومنهم الملك “عمرو بن أبرهة” الملقب بذي الأذعار، فحشر ذو الأذعار جنده وتوجه ناحية مملكة سبأ للاستيلاء عليها وعلى ملكتها بلقيس، إلا أن بلقيس علمت بما في نفس ذي الأذعار.
فخشيت على نفسها، واستخفت في ثياب أعرابي ولاذت بالفرار، و عادت بلقيس بعد أن عم الفساد أرجاء مملكتها فقررت التخلص من ذي الأذعار، فدخلت عليه ذات يوم في قصره وظلت تسقيه الخمر وهو ظان أنها تسامره، وعندما بلغ الخمر منه مبلغه، استلت سكينا وذبحته بها، وتقول المراجع التاريخية أن نبي الله سليمان عليه السلام، تزوج من الملكة بلقيس، وأنه كان يزورها في سبأ بين الحين والآخر، وأقامت معه سبع سنين وأشهرا، وتوفيت فدفنها في تدمر، وتعلل المراجع سبب وفاة بلقيس أنها بسبب وفاة ابنها “رحبعام بن سليمان” وقد ظهر تابوت بلقيس في عصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وعليه كتابات تشير إلى أنها ماتت لإحدى وعشرين سنة خلت من حكم سليمان، وفتح التابوت.
فإذا هي غضّة لم يتغير جسمها، فرفع الأمر إلى الخليفة فأمر بترك التابوت مكانه وبنى عليه الصخر، إلا أن هناك روايات أخرى تشير إلى أن بلقيس أنها أرسلت إلى ذي الأذعار وطلبت منه أن يتزوجها بغية الانتقام منه، وعندما دخلت عليه فعلت فعلتها التي في الرواية الأولي، وهذه الحادثة هي دليل جليّ وواضح على رباطة جأشها وقوة نفسها، وفطنة عقلها وحسن تدبيرها للأمور، وخلصت بذلك أهل سبأ من شر ذي الأذعار وفساده، وازدهر زمن حكم بلقيس مملكة سبأ أيما ازدهار، واستقرت البلاد أيما استقرار، وتمتع أهل اليمن بالرخاء والحضارة والعمران والمدنية، كما حاربت بلقيس الأعداء ووطدت أركان ملكها بالعدل وساست قومها بالحكمة، ومما أذاع صيتها وحببها إلى الناس قيامها بترميم سد مأرب.
الذي كان قد نال منه الزمن وأهرم بنيانه وأضعف أوصاله، وإن بلقيس هي أول ملكة اتخذت من سبأ مقرا لحكمها، وكانت بلقيس حينها جالسة على سرير مملكتها المزخرف بأنواع من الجواهر واللآلئ والذهب مما يسلب الألباب ويذهب بالمنطق والأسباب، ولما عُرف عن بلقيس من رجاحة وركازة العقل فإنها جمعت وزراءها وعلية قومها، وشاورتهم في أمر هذا الكتاب، في ذلك الوقت كانت مملكة سبأ تشهد من القوة ما يجعل الممالك الأخرى تخشاها، و تحسب لها ألف حساب، فكان رأي وزرائها “نحن أولوا قوة و أولوا بأس شديد” في إشارة منهم إلى اللجوء للحرب والقوة، إلا أن بلقيس صاحبة العلم والحكمة والبصيرة النافذة ارتأت رأيا مخالفا لرأيهم، فهي تعلم بخبرتها وتجاربها في الحياة أن “الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون”
الدكروري يكتب عن أصل وتاريخ ملكة سبأ
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.