مقالات ووجهات نظر

الدكروري يكتب عن الثائر العلوي في العصر العباسي

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن الثائر العلوي في العصر العباسي

لقد استطاعت الثورة علي الدولة العباسية التي أقامها محمد بن علي الذي ادعي أنه المهدي المنتظر، أن تكتسب أكثر فأكثر ثقة جماهير الزنج والفراتيين فقراء العراق الذين بدورهم كانوا اشبه ما يكونون بالرقيق وبالذات في ظروف العمل وشروطه، وخاصة بعدما رفض قائد الثورة مطالب الاشراف والدهاقين والوكلاء بأن يرد عليهم عبيدهم لقاء خمسة دنانير عن كل رأس، ولقد رفض الثائر العلوي علي ابن محمد هذا العرض، بل وعاقب هؤلاء السادة الذين قدموا العرض، فطلب من كل جماعة من الزنج ان يجلدوا سادتهم ووكلائهم القدامى، وزاد من اطمئنان الزنج إلى الثورة ما أعلنه قائدها بأنه لم يثور الا لرفع المظلومية عنهم، وعاهدهم على أن يكون في الحرب بينهم بقوله أشرككم فيها بيدي.

 

وأخاطر معكم فيها بنفسي، بل قال لهم ليُحط بي جماعة منكم فإن احسوا مني غدرا فتكوا بي، وبهذه الثقة تكاثر الزنج في صفوف الثورة وفي كتائب جيشها بل وانضمت إليها الوحدات الزنجية من جيش الدولة العباسية في كل موطن من المواطن التي التقى فيها الجيشان، حتى سميت لذلك بثورة الزنج، واشتهرت بهذا الاسم في مصادر التاريخ، وفي عشرات المعارك التي وقعت بين جيوش الزنج وجيوش الدولة العباسية كان النصر غالبا للزنج فيها، وتأسست كثمرة لهذه الانتصارات دولة للثورة أقامت فيها سلطتها وطبقت فيها أهدافها، ونفذ فيها سلطان الثائر العلوي علي ابن محمد، ولقد بلغت دولة ُالثورة هذه درجة من القوة فاقت بها كل ما عرفته الخلافة العباسية قبلها من أخطار وثورات.

 

والمؤرخون الذين كانت عندهم أن الدنيا كانت هي الإمبراطورية العباسية قالوا ان الزنج قد اقتسموا الدنيا مع بني العباس واجتمع إليه من الناس ما لا ينتهي العدُ والحصر إليه وكان عمال الدولة الثائرة يجمعون لعلي ابن محمد الخراج على عادة السلطان حتى لقد خيف على ملك بني العباس ان يذهب وينقرض، وأقام الثوار لدولتهم عاصمة سموها المختارة أنشأوها إنشاء في منطقة تتخللها فروعُ الأنهار كما أنشؤوا عدة مدن أخرى وضمت دولتهم مدنا وقرى ومناطق كثيره ضمت البحرين والبصرة والأبله والاهواز وواسط والقادسية وجنبلاء والنعمانية والمنصورة ورام هرمز والمنيعة والمذار وتستر وخوزستان وعبادان وأغلبَ سواد العراق، والقت الخلافة العباسية بكل ثقلها في المعركة ضد الثورة.

 

وكرست كل إمكاناتها للجيش والقتال، وبعد أن عهد الخليفة المعتمد العباسي بالقيادة الميدانية إلى أخيه الموفق، تحول قائد الجيش إلى خليفة حقيقي وتحولت المدينة التي بناها تجاه عاصمة الثوار والتي سماها الموفقيه إلى العاصمة الحقيقية للدولة ويأتي إلى بيت مالها كل خراج البلاد لدعم المجهود الحربي في اخماد ثورة الزنج، وتصدر منها الاوامر إلى كل الولاة والعمال في سائر ارجاء الخلافة في أن يقدّموا كل ما يستطيعونه لإسناد جيش العباسيين في قتاله، الأمر الذي اوغر صدر الخليفة المعتمد حتى لقد حاول الفرار من سامراء إلى مصر ليدخل في حماية الطولونيين، فألقي القبض عليه بنواحي الموصل واعادوه إلى سامراء شبه سجين.

 

 

الدكروري يكتب عن الثائر العلوي في العصر العباسي


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة