مجرد رؤية ..العودة إلى السلم الغذائى

مجرد رؤية ..العودة إلى السلم الغذائى

مجرد رؤية ..العودة إلى السلم الغذائى

بقلم : أحمد الجرف

اظهرت الحرب الروسية الأُوكرانية بعد عامها الأول أهمية التأثير على الأمن والسلم الاجتماعى داخل المجتمع الدولى ,

وداخل الدول التى لا تعد أطرافاً مباشرة فى الصراع الدولى .

إن العالم صار قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل المختلفة فقد أصبح ما يحدث فى الشرق يلقى بظلاله على أقصى الغرب.

 ظهرت الحكومات تصارع من أجل مواجهة التحديات على كافة الأصعدة , من أكثر التحديات التى ظهرت نتيجة لذلك الصراع أزمة الغذاء والتى أظهرت تأثيراً بالغاً على الأمن والسلم الداخلى والخارجى للدول , بل وغيرت الأوزان النوعية ومراكز الثقل فى العالم لتظهر أوزان وأدوار لدول جديدة .

تلك الدول التى عملت كوسيط فى إخرج ما يوازى 11% من حبوب العالم إلى الدول الغير منتجة مما خلق أدواراً جديدة مؤثرة .

بينما ظهرت دولاً أخرى كانت ذات تأثير دولى فى حالة من العجز .

بينما تصارع حكومات الدول الغير منتجة للحبوب داخلياً فى محاولة مستميتة إلى تقليل الفجوة فى متطلبات الغذاء.

من هنا بدأ التفكير فى حلول أكثر واقعية وخارج الإطار النمطي لحل تلك المشكلة .

فى مصر كانت الأوضاع أكثر استقراراً فيما مضى فى الحقَب الأولى من القرن الماضى وحتى قرب منتصفه نتيجة لتنامي اقتصاد القرية ,

الأمر الذى كان بدوره يقلل الفجوة تلقائياً من ميزان الاستيراد لتلك الحبوب .واعتماد أنماط استهلاكية بسيطة أدت بدورها إلى تكامل واكتفاء القرية المصرية .

كانت بيوت القرية المصرية تمثل حكومات مستقلة لا ينقصها الكثير للتعايش .

كل بيت كان لديه ما يكفيه من الحبوب المزروعة محلياً , أيضاً من الاحتياجات الأساسية من الخضراوات واللحوم والدواجن والألبان والجبن والأقطان

وكان هذا الاقتصاد يمثل نسبة كبيرة من هامش الاقتصاد المحلى والذى كان لا يحمل الميزانية العامة الكثير .

 ثم بوسطة الإعلام الغير مسؤول طرأ على هذا المجتمع المنتج المكتفي ذاتياً تقريبا أنماطا استهلاكية جديدة أسهمت بشكل كبير فى

تغيير تلك الأنماط المستقرة إلى أنماط أكثر إعتمادية على الموازنة العامة للدولة بشكل مباشر .

أصبح الاقتصاد الريفى أكثر استهلاكاً نتيجة الافتقار إلى الاعتدال فى الاستهلاك ،

مقارنة باقتصاديات المدن الكبيرة التى بالفعل تمرست على الاعتدال فى الاستهلاك وأن كل ما هو مطروح من السلع إنما بغرض التنافس التجارى وليس من أجل التجربة والمفاخرة فى تلك الأوساط .

هنا أصبح كاهل الدولة يئن بهذا الاستهلاك الإضافى والغير مسؤول ,

بينما ازداد استغلال الإعلام لتلك الأنماط فى الترويج لأكثر السلع إغراء لأهل تلك المجتمعات الناشئة والغير مدربة على ضبط استهلاكها مما خلق انهياراً فى المنتجات الوطنية

نتيجة عدم كفاية المطروح وعدم القدرة على المنافسة مع المنتج المستورد فى ظل صمت الدولة فى تلك الفترة عن دعم الاقتصاد الوطني.

وتفاقمت تلك الأنماط وأصبحت من أنماطاً ترفيهية إلى واقع ملموس .

على سبيل لا الحصر لم يعد يقنع ساكنو المجتمعات الريفية بنوع واحد من المشروبات اليومية كالشاى والبن .

وإنما نجد فى الأسرة الواحدة من يطلب أكثر من نوع .

تخيل معى أننا لا ننتج أيا منها على الإطلاق .

كان فى البداية يقنع ذلك المجتمع بنوع أو اثنين , حتى تدخل الإعلام والتاجر ليداعب طلبات ذلك المجتمع النهم للجديد .

ظهرت تلك الانماط فى كل مناحى الحياة

(المأكل – الملبس–الاآلات – السيارات- البناء) وهنا لا نستطيع أن نحمل تلك المجتمعات المسؤلية عن ذلك ولا نستطيع أيضاً أن نغفل حقهم فى الرقى والعيش المرفه .

لكننا للأسف لا نسطيع بمنتجاتنا المحلية أن نغطى تلك المتطلبات مما يمثل ضغطاً على الدولة فى تدبير العملة الصعبة لتلبية تلك الإحتياجات .

هنا وجب علينا أن نتكاتف لحل تلك الأزمة .من وجهة نظري المجردة أن الحل يعتمد على محاور عدة :

أولاً: سياسة إعلامية منظبطة ومسؤؤلة تهدئ من حدة السعار الإستهلاكى بجانب دور توعوي فى مجال انضباط الاستهلالك وهذا ما تحدث عنه الرئيس السيسي فى المنتدى الدولي بالإمارات .

ثانيا : تشريعات قانونية ملزمة لمحاربة الاحتكار وضبط الأسواق .

ثالثاً : إنشاء كيان له سلطة الضبطية القضائية للعمل داخل الأسواق من السيدات كونهن أكثر حسماً وحزماً ودراية بمتطلبات المنزل .

رابعاً : تفعيل دور المحليات فى إنشاء أسواق مركزية توفر النموذج الاستهلاكى الحكومي

( بورصة الدواجن – بورصة الخضراوات – مناطق لوجستية .)

خامساً : قيام الحكومة بتقنين المنتجات المستوردة من الخارج للحد من الاستيراد العشوائي .

سادساً : تشجيع وتفعيل عودة اقتصاد القرية بدعم حكومي مباشر .تكون الحكومة ممول والقرية منتجة من المنازل بسعر التكلفة فقط لحين تنامي ذلك الاقتصاد وتعافيه.

حال تعافي اقتصاد القرية وخروجه من دائرة الاستهلاك القومي إلى الإنتاج القومي مجدداً ولو بنسبة صغيرة فإنه بمثابة طوق النجاة للاقتصاد الكبير.

فى النهاية إننا لا ندعي لأنفسنا العلم المطلق أو الفهم الملم بكل مناحي الحياة لكننا نطرح رؤى وأفكاراً قد يستفاد بها من واقعنا فى تحقيق السلم الاجتماعي من خلال توفير المتطلبات الاستهلاكية ومنها الغذاء .

حفظ الله مصر من كل شر وسوء

مجرد رؤية ..العودة إلى السلم الغذائى

 609 إجمالي المشاهدات

عن احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

شاهد أيضاً

قصه بطل من أبطال حرب أكتوبر العاشر من رمضان

قصه بطل من أبطال حرب أكتوبر العاشر من رمضان كتب إيهاب العباسى حوار جريدة المساء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: