ضللت الطريق …….وخانني الرفيق
ضللت الطريق …….وخانني الرفيق
بقلم/ هيام الرمالي
بالجهة الشرقية بمحطة القطار وجدت أحدهم يكبرني كثيراً بالعمر ،وقد خالط الشيب رأسه،
بشوش الوجه ،يشبه روح أبي كثيرا ،فذهبت إليه مستوقفة إياه
عفواً سيدي
أين أجد القطار المتجه إلي عالم أفضل؟
ماذا تقصدين يا صغيرتي!
أقصد العالم الذي أخبرني عنه أبي ،حيث البشر فيه أنقياء؛
الإنسان إنساناً شكلا وموضوعاً،فيه الخير والحب والأمان،سماؤه صافية ،غير مُحتقنة بالكره والحقد والنفاق والخيانة،
طيورها تُغرد حبا كل صباح،فيه الصديق وقت الضيق، فيه الرفيق لا يخون بل عونا وسندا وإحتواءا ، الناس فيه يظهرون ما يُبطنون.
معذرة يا صغيرتي فهذا العالم غير موجوداً ،ربما آخرهم هو أباكي أو من كان بحكاياته.
البشر تغيروا كثيراً،
فلم يبقي إلا أقذر شرزمة بشرية يمكن أن يتخيلها عقلك.
لا تصف لي حالهم اليوم، فأنا أعرفهم جيداً،
أنا أبحث عن الآخرين ،سكان حكايات أبي.
يا صغيرتي ،لم يعد هنالك أحدا منهم،ولكن ماذا حدث لكِ كي تبحثين عن الدُرر المفقودة.
لقد ضللت الطريق وخانني الرفيق.
تلك لغة الجبناء ،فليّ رأيا آخرا بالأمر :
كيف؟
أما عن الخائن:
فيجب عليكِ أن تشكريه بشدة ،ثم تودعيه في صمت،فالصمت هو المحاولة الأخيرة لإخبارهم بما لم يفهموه حينما كنا نتكلم معهم ،
كوني كالصقور دائما تعتلي القمم ،ولا تُجاور الرمم.
فالخائن هو كائن بدرجة مُتدنية من البشر،وغير الأصيل لا يُعتب، فقد أتاكِ برسالة وبضعة دروس ،
وعليكِ أن تفهمي الرسالة وتتعلمي الدرس جيدا.
كوني شخصاً ذكيا ،لا تتعلقي بالأشخاص ولا بالأشياء ولا بالأماكن وإجعلي تعلقكِ بالله فقط .
فالخائن هو هو مرآة تعكس لنا بعض المشكلات النفسية والإجتماعية الموجودة بداخله أو بداخلنا ،وتعكس مخاوفنا ،هو فقط يسلط الضوء علي مشكلة ما .
وإن تعلمتِ الدرس فستتعافين سريعا وتنهضي بدرجة أسرع وربما يُعالج مشكلات طفلك الداخلي ،
وسيختفي تماما من هالتك وحياتك ومجالك الروحي والنفسي ويتركك أفضل وأقوي .
وإن لم تتعلمي الدرس فستقابلين نفس النسخة الرديئة والرخيصة مرة ثانية وثالثة وتتكرر المأساة حتي تتعلمين الدرس .
أما عن الطريق فإسلكي غيره.
ولكن الخيانات كالزلازل المدمرة سيدي ،لا تترك إلا خراباً ،خراباً داخلياّ ،وربما نعجز عن ترميم آثاره .
أجل يا صغيرتي وهذا يتوقف على مدي قوة شخصيتك ،،وثقتك بنفسك و سقف توقعاتك بمن خانك،وتوازنك النفسي،
فربما نستطيع بعد فترة قصيرة أو حتي طويلة .
ولكننا نستطيع……
الخراب الداخلي ربما يكون أقوي من الخارجي ،فعليكِ أن تُخرجي ما بداخلك ،فمن يعترف بألمه يتعافي منه بشكل أسرع.
وهناك فارقا كبيرا بين مكعب الملح ومكعب السكر رغم تشابههما في الشكل، ونعرف الفارق بالتجربة،وهكذا بعض البشر .
ولا تسقطي في الغفلة الكبري وهي الإكتئاب ،فأخرجي عن صمتك ،فالمخطئ يعي خطؤه جيدا . والخائن لابد أن يتحمل مسؤولية فعلته .
إلي أين أنت ذاهب ؟
أنا آتٍ من العالم الأفضل لمساعدتك صغيرتي
ولكني لست صغيرة ،فأنا بالعقد الثالث من عمري، ستظلين صغيرتي مادمت بحاجتي .
تشبه أبي كثيرا ،
هل لي أن أستقل قطارك معك ..!
لا ….لقد ولىّ قطاري منذ حقبة وأمامك متسع من العمر،فلتكتفي بنفسك،وتكملين الرحلة ….
إنتظر …..هل أنت ظل أبي؟!
اليوم فقط تستطيعين …
ضللت الطريق …….وخانني الرفيق
هيام الرمالي
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.