أنا الخائن
أنا الخائن
كنت أظن أن للخيانه أسبابا أربعة ،ولكنها لم تتوافر لدي …..
لم تكن مهملة أبدا ،بل كادت تصل للمثالية في كل كل الأمور لدرجة أنني لم أجد نفسي معها ،كنت أشعر أنني ضئيلا جدا بجوارها،فإضطررت للكذب مرارا وتكرارا حتي أصبح الكذب من خصالي اللصيقة بشخصيتي ،خوفي من أفقد شخصيتي أمامها وتقودني هي ،كما أخبرتني أمي ،جعلني أحاول السيطرة المرضية عليها وعلي كل أمور حياتنا كي أخضعها لي،كنت أقلل منها محاولا إحباطها ،فتشعر بقيمتي وتحاول إسترضائ ،أو تخشي تحولي عليها ،أوهمتها كثيرا أنها لاشئ بدوني كي تخشي فقدي؛ ولكني……
فشلت …..
كانت قوية لا تُهزم ،وصلبة لاتُكسر،بها شيئا غريبا لم تُخبرني عنه أمي،كانت لا تهتم لآراء الآخرين ولا تأبه القيل والقال،لا يهدمها النقد ،ولا يُطربها المدح.
إستخدمت سلاحا آخرا ماديا كوسيلة ضغط ولكنه لم يُؤتي ثمره ،فلم تكن مادية أبدا ،كانت هادئة ومتسامحه وتعاملني كطفل صغير أو كمريض يجب تحمله في كل الظروف،وكان ذلك يستفزني أكثر .فحاولت إحكام السيطرة ولكني…….
فشلت …..
إستمعت كثيرا لأمي وأصدقائ وأصبحت أعيش حربا نفسية بيني وبينها دون سبب واضح،ربما كان صراع العروش،وربما كان الصراع بيني وبين نفسي .
كنت أعاند وأصارع واختلف المشكلات لأتفه الأسباب كي أفوز،وسلكت كل السبل ظنا مني أنني أُخضعها، لا اعلم لماذا؟
هي لم تتمرد يوما علي ! بل قبلت بظروفي المادية والإجتماعية رغم أنها محدودة جدا بالنسبة لها.
ذات يوم تشاجرت معها وعاقبتها بالصمت العقابي حتي تأتي وتعتذر كما تفعل كل مرة ،وبالفعل أتت ولكنني رفضت ولم أتقبل إعتذارها تلك المرة،وإستمررت في ذلك ظنا مني أنني أهينها ،فتقدم ما هو أكثر ولكنني…
فشلت ……
تلك الليلة أخبرتني ضمنيا أنها أتقنت اللعبة بل وتفوقت عليّ! حتي لعبتي التي صنعتها أنا ،فهمتها وتفوقت بها وقابلت الهجر بالهجران إلي ما شاء الله،فإضطررت أنا للتنازل والإعتذار بعد خصام شهرا كاملا،ولكنها…….
تمردت……
قبلت إعتذاري ولكنها تغيرت،فقالت لي حينها (تبني البيوت بالود وليس بالعند ) لم أكترث لكلماتهاحينها ،فكنت أراها كائنا رقيقا ،لطيفا ،هادئا ضعيفا ،ولم أتخيل أنها بهذه الدرجة من الوعي والنضج.
كنا ندور في مدارات مختلفة ،فلم تُخبرني أمي بأن هناك كيانات قوية ،واثقة من نفسها لا تُقهر، وحينها…..
خشيت ……
شعرت أنها اقوي وأنضح مني فخشيت إن تتركنني،فقد كانت ثقتها بنفسها وإحتوائها لي ينهش عقلي،خصوصا عندما تقول لصغارنا …..المسلم لا يكذب .
كنت أشعر أنني غير كفءٍ لها، كنت أذهب لأمي في كل مرة لتغذي الطاووس الذي بداخلي،وتُحرضني ببعض الأفكار ،وأغدق المال لأمي كي أشعر بأني فتاها الذهبي وتغمرني بعبارات المدح،وفي حقبة ما شعرت بإنحياز أمي لها ،حتي أصبحت تستشيرها في أمور إخوتي ،وتمدح بها
وهنا …..كانت الخطيئة الصغري ….
التلصص العاطفي
تلصصت علي العالم المسحور ،بأسماءٍ إفتراضية،خوفا من نظرة المجتمع،فكم كنت أحافظ علي عباءة الرجل الخلوق،رجل الدين والعلم والمبادئ،الفتي الذهبي لأسرتي ،وفي العالم المسحور وجدت نفسي،فجميعهم يرتدون (البوكر فيس)فالجميع هناك يتسم بالإزدواجية،كان عالماً جديداً وجميلا،يخمل في طياته كل احلامي ….جميع الملذات دون عناء،ودون مسئولية.
تمتعت بكل حياة التفلت واللاأخلاق،وتركت الواقع وإستمتعت بحياة الطاووس داخل الميديا .
كنت مستورا أمام المجتمع ،فلم يعلم أحدهم بأمري،او هكذا كنت أظن …..وتناسيت أن هذا هو أول خطوات الشيطان (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان……).
وذات يوم علمت زوجتي بما أفعل علي الميديا،وعاهدتها بترك تلك الأمور ،ولكنني ضعفت وعدت…..
وإذداد الأمر سوءا فأدمنت مشاهدة الإباحيات ،مثل الطعام والماء ،ومازلت الخلوق أنام المجتمع،وفي تلك الآونه أصبحت أتراخي عن الصلاة وحتي عن صلاة الجمعه،وإذداد دخلي المادي وكأن الله غضب علي فأصبحت الدنيا تصب عليّ فتنها صباً صباً،لم أدرك حينها أن الله يمتحنني …….
فتماديت……….
فاجئتني زوجتي بمقال علي صفحتها ذات يوم عن الخيانة الإلكترونية ،وأنها خيانة حقيقية،وتدخل تحت باب الزنا وتدفع لما يُحمد عُقباه،وذكرت قوله تعالي(ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا….)واستوقفني شرها للآية الكريمة وان الله عز وجل قال لا تقربوا ……وليس لاتزنوا…لما بتلك المنطقة من خطورة ،خقا إنها كالألغام والإقتراب منها دمار وربما لاعودة منه ،هي تتحدث عن درء الشبهات ولكنني أستشعر مرارة الإدمان .
تحدثت عن نتيحة ذلك من حلب الفقر والخراب للقلب قبل البيت ،فالقلب الهرب يُظلم ولا يميز الطيب من الخبيث والحال من الحرام،إرتبكت وشعرت أنها تعلم بأمري وتقصدني بمقالها هذا .
حاولت التوقف ولكني …..
فشلت…..
لم أكن أعلم شيئا عن الإضطراب الوجداني وأنه مرضا نفسيا ويحتاج لعلاجا سلوكيا لدي متخصص.
كنت أبحث عن كل ما هو غير مالوفةلتربيتي ومعتقداتي وإنغمست بشدة ،فتلك الأمور كانت تشعرني بلذة هائلة ،وأعني لذة وليست سعادة ،فكم كانت كجرعة المخدر ،فهي حقا ترفع الدوبامين وهو ما يُفرز عند المغامرات وكل ماهو غير مألوف .
…..وهنا…..
مال القلب ميلا عظيما وحاد عن الطريق ،وإلتبس الحلال بالحرام ،والمسموح بالممنوع،وزين لي الشيطان كي شيئ،لم أكن أري الطريق وهنا جاءتني نفسي وحدثتني قائلة:إلتبس عليك أمرك وأنا سأقودك؛لم أكن أعلم أن النفس والهوى أعتي من الشيطان، وقادتني للهلاك وتبعتها،وفعلت كل شيئ وتجرأت علي المعاصي ،فأذكر مرة وربما كانت الفاصلة أقسمت كذبا علي كتاب الله كي أنجو من إحدي ذلاتي أمام زوجتي،وظننت أنها ستمر كغيرها وصدقتني زوجتي ولكن الله ….. أبي……
ربما لكثرة المعاصي وربما أراد أن يردني إليه ،وربما لدعوة أحدهم ذات يوم …اللهم إرفع غطاء سِترك عنه….
……وقد كان.. ..
علمت بعد فوات الأوان أن الإحتياج صفة بشرية ،وأنه ليست كل الإحتياجات مُلباه،فهناك إحتياجات لا يمكن أن تُلبي ….
وإلا لأصبحنا في غابة بهيمية ،وأن تلك حدود الله……
فهمت بعد فوات الأوان … إن طالب الدنيا شره لايشبع أبدا.
يتبع …..أنا المتعافي.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.