كل خطط التهدئة في السودان سوف تفشل
كل خطط التهدئة في السودان سوف تفشل
سوف يتفاقم الصراع المسلح الذي يجري حاليا فيه ويخرج قريبا عن السيطرة ، بل اتوقع له ان يتصاعد ليدخل مرحلة اخطر من كل ما سبق من العنف والفوضي والاقتتال الداخلي وهو ما قد ينتهي بتفكيك السودان وتقسيمه إلي دويلات صغيرة تناصب بعضها العداء ، واعتقد ان الطريق إلي ذلك في تخطيط من يتآمرون علي السودان هو بالابقاء علي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع متورطين في حرب استنزاف عنيفة وطويلة ، حرب الأرجح أنها سوف تنتهي يتدميرهما معا ، او الزج بهما في متاهات صعبة ومعقدة لن يجدا لهما مخرجا منها .. وهو الاحتمال الذي تدعمه
كل الشواهد الآن.
كل خطط التهدئة في السودان سوف تفشل
ويقيني هو ان المؤامرة التي يجري تنفيذها حاليا في السودان لاستنزافه واضعافه وتفكيكه وافقاده تماسكه ولهويته الوطنية
من خلال إشاعة العنف والفوضي وتعميق الانقسامات فيه هي
من تدبير العديد من اجهزة المخابرات الإقليمية والدولية التي لدولها مصلحة واضحة في تحويل السودان إلي ساحة ساخنة اخري من ساحات الصراع الداخلي والإقليمي المسلح ..
وقد تتقاطع الخطوط والمسارات التي تتحرك فيها كل تلك الأجهزة الأمنية ، ولكن يبقي لكل طرف خارجي دوافعه واهدافه وحساباته وتوقعاته التي تجد فرصتها اكثر في استمرار العنف والفوضي في السودان منها في هدوئه واستقراره وعودة الأمن إليه.
فما يجري في السودان ليس صراعا داخليا محضا كما قد يتوهم البعض ، ويتعاملون معه علي هذا الأساس .. اي بمنطق ابتعدوا
عن السودان واتركوه لاصحابه وسوف يحلون مشاكلهم بانفسهم وهم قادرون علي ذلك ، هذا ما قد نتصوره ، اما الواقع فأنه غير ذلك تماما. فاوضاع الداخل المتدهورة هي التي تجذب كل هذه التدخلات الخارجية إليه ، وتفتح الباب واسعا امامها لتعمل عملها وهذا هو ما يشهد به واقع الأزمات والصراعات التي اجتاحت دول المنطقة العربية خلال السنوات العشر الماضية ودمرت العديد من دولها. فسوء اوضاع الداخل هو ما استدعي تدخل الخارج واختراقه للداخل بكل اشكال الخطط والمؤامرات والسياسات.
وجاء الدور الآن علي السودان ليعيش مع ما يجري فيه سيناريو ربما هو الاسوأ والاخطر من بين كل السيناريوهات التي عرفناها.
فالسودان بموقعه الجغرافي الإستراتيجي الحساس ، هو احد المفاصل الحيوية المهمة في منظومة الأمن القومي العربي برمتها ومن شأن اشعاله بالصراعات الداخلية المسلحة ان تكون له تداعياته الأمنية الخطيرة علي كل الاصعدة والجبهات داخليا وعربيا واقليميا وسوف تكون دول الجوار هي اكثرها تاثرا بتلك التداعيات ومعاناة منها. وقد تكون الضريبة الأمنية لما سوف يحدث فادحة بدرجة يصعب عليها احتمالها او الصمود في مواجهة تحدياتها واخطارها.
اتوقع ان يتيح اغراق السودان في ازماته وصراعاته المسلحة المتفاقمة ، وانكفائه علي اوضاعه الداخلية المتدهورة ، لاثيوبيا استكمال محططاتها الشيطانية لتهديد الأمن المائي لمصر والسودان في الصميم .. فخروج السودان من الصورة سوف يعني نجاح الاثيوبيين في كل ما خططوا له بمساعدة قوي دولية كبري وقوي إقليمية وعربية اخري لهم ، وان المؤامرة علي مصر قد اكتملت حلقاتها بعد ان اوشك تنفيذها علي الانتهاء. فهي الجائزة الكبري في وصفهم لها وحصارها ومحاولة احتوائها يشكل هدفا استراتيجياً كبيرا ومهما لهم.
كما ان تحويل السودان إلي ساحة كبيرة وخطيرة للعنف والتطرف والفوضي سوف يحمل معه خطر تصدير الإرهاب إلي حدود مصر الجنوبية ، وبدرجة غير مسبوقة من التهديد لامنها واستقرارها وسلامة اراضيها ، وهو ما قد يضطر مصر إلي إعادة ترتيبها لاولويات دفاعها عن أمنها القومي المهدد من حدودها مع السودان.
وهو تحول سوف تكون له تكاليفه وضغوطه واعباؤه الأمنية والعسكرية والاقتصادية الفادحة في مثل الظروف الراهنة واعتقادي هو ان مصر بمحورية دورها وبثقلها البشري والجغرافي والسياسي الكبير ، هي المستهدفة اكثر من غيرها بالتداعيات الأمنية الخطيرة المحتملة للصراع الداخلي المسلح الحادث حاليا في السودان ..
وسقوط الجيش السوداني الذي يشكل خط الدفاع الأول عن أمن السودان وعن تماسكه ووحدة أراضيه ، سوف يحدث فراغا امنيا رهيبا يسهل علي المتآمرين علي السودان ومصر وعلي باقي دول المنطقة تنفيذ مخططهم الذي يراهنون عليه الآن ..
فتدمير الجيش السوداني في هذا الصراع سوف يكون كارثة امنية كبيرة لها ما بعدها. ومن مصلحتنا دعمه والحفاظ عليه وعدم تركه يضيع او هذا هو تقديري المتواضع لما اراه واتوقعه.
فهذه هي ضريبة دفاعنا عن أمننا القومي وليست لاي هدف آخر.
أعود واقول عن اقتناع تام ان ما نشهده يجري حاليا علي الساحة السودانية ليس شانا داخليا بحتا ، او صراعا يخص السودانيين وحدهم ، وانما هو صراع له ابعاده وامتداداته وتداعياته الأمنية القريبة والبعيدة ، والتي سوف تطالنا شئنا او ابينا ، وعلينا ان نحمي أمننا بكل ما نراه لازما وضروريا وسط هذه الدوامة القاتلة من الصراعات التي وان بدت في ظاهرها داخلية وبعيدة عنا ، إلا انها في حقيقتها ليست كذلك.
كل خطط التهدئة في السودان سوف تفشل
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.