السحر الجديد فى كل بيت
السحر الجديد فى كل بيت
المتأمل لحالنا تلك الأيام يشعر بأن هناك سحر مطبق على كل حياتنا . وحتى لا يفهم الكلام على أنه درب من الخيال أو البعد عن المنطقية , أنه وبنص قرآنى سحر حقيقى ,
قال الله عز وجل فى أمر سحرة فرعون
( قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ . سورة الأعراف الآية(116),
دعنى اقول ان ما يحدث الآن ماهو إلا سحر للأعين لتغيب عن واقع الأشياء , إذا نظرت إلى حياتنا وما يطالعنا اليوم من صور ومشاهدات عبر الشاشات المختلفة
( الهاتف-التليفزيون – الإعلانات فى الشوارع – السينما ..الخ ) ستجد كل أنواع السحر تُمارس , دعنى أسأل : ماهو الحقيقي فى تحرك الصور الغير دقيقة حجماً وشكلا وموضوعاً ومعها الإضاءات لترسم خيالاً لايمت للحقيقة الطبيعية بصلة على هذه الشاشات ؟
تلك الصور المزيفة تبعث فى النفس أن تستعد وتصدق ذلك الزيف الممنهج , وأن تفرض الأمر الواقع الذى يجعلك تقبل تغيير طبيعية الأشياء من جمال الأشياء وروعه الخالق إلى التصديق بجمال تلك الصور المزيفة وعشق ما هو غير طبيعى ,
حياتنا اليوم صارت قائمة على صناعة سحر الأعين , والإبهار الغير حقيقى , فترى مثلاً تصويراً لحفل صاخب على تلك الشاشات قوامه الضوء , والخدع البصرية والأصوات الغريبة , وحين يسكن ذلك الصوت المزيف والصورة الخادعة وتتامل ذلك المسرح على طبيعته فان الواقع مختلف تماماً .
أنها أرض قد لا تكون ملونة على الإطلاق , أو خضراء كما فى استوديوهات هوليود المليئة بالحياه , والحقيقة أنها مجرد لوحة خضراء وتحت تأثير الخدع والتكنولوجيا تصير نابضة بالحياة , كذلك النظارات الثلاثية الابعاد , أنها تأخذك بعيدا الى واقع أخر والى بيئة مختلفة . أنها تخدع بصرك وبصيرتك لدرجة تذهب عقلك وتنقلك من مجرد مشاهد لمادة أنت إخترتها بنفسك إلى واقع تتفاعل معه ,
فتفرح أو تحزن , أوتخاف ,أيضاً إنتقلت تلك الخدع إلى هاتفك لتصنع لك صوراً خادعة لوجهك بعد إدخال التعديلات , لتنتقل معها من إنسان يشعر ويتلمس جمال الاشياء إلى فريسة لسحر يؤثر فيك ويغير طريقة تناولك للأشياء بين التصديق والإبهار ,
إنها وبكل أسف , نوع جديد من المخدرات , أدمنها الكثيرون , حتى صارت واقعاً ملموساً , وتناسي الناس الخلق والخالق وجمال ذلك الصنيع , ماهى خطورة ذلك السحر ؟
أنه وبكل بساطة يرهق عقلك طوال الوقت فى المقارنات بين الاشياء الطبيعية والمزيفة , إن الصورة التى يخزنها العقل للجمل مثلا لها أبعاد معينة فاذا كان صورة , قام عقلك تلقائياً بمحاولة التعرف عليه فى تلك الهيئة ,
وعقد المقارنات للتعرف عليه , فى كم هائل من العمليات للمخ , أضف الى ذلك التاثير الحركى لتلك الصور على تحريك الغدد الصماء والادرانالين وضغط الدم واضطراب التنفس و الشعور بالألم و الرعب وإضطراب ضربات القلب , أنه أمر مرهق للغاية ,
والاخطر من ذلك أنها تذهب جمال الاشياء وتوقف عملية التدبر والتفكر والصفاء الذهنى تماما , وتحولة الى عملية من التاقلم على كل ما مصطنع , والاخطر من ذلك كله أنها تعزل البشر عن سنه كونية هى التعارف والتلاحم والتعاون
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ سورة الحجرات الآية(13) .
أين تماسك المجتمعات الان ؟ أين تكاتف الأُسر ؟ اين إجتماع العائلة ؟ الكل يقع تحت تاثير ذلك السحر , تفككت الاسر وانهارت المجتمعات , انها صناعة محكمة متعمدة لتخريب العقول والأعين والصحة ولا ندرى لمصلحة من كل ذلك العبث , نحن نحتاج الى عصا موسي لنرى الحقائق , الى هدى سماوى نعود اليه فندرك معه ماهية الاشياء وجمالها وروحها النابضة بالحياه .
لتعود معها العائلة والاسرة والمجتمع الى الحديث والثقافة والاداب والفنون والطبيعة .. أننا نقف على حافة الهاوية فى زمن العجائب . فى زمن الصور الزائفة وسحر الأعين .
السحر الجديد فى كل بيت
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.