مقالات ووجهات نظر

الأمهات والثقافة الإسلامية

الأمهات والثقافة الإسلامية

الأمهات والثقافة الإسلامية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الأمهات والثقافة الإسلامية

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فكثيرا ما يظن الناس أن التربيةَ تكون بالأمر والنهي والضرب والزجر، وهذا وإن كان صحيحا، إلا أنه ليس أنجح الوسائل ولا أوقعها في نفوس الناس عامة، والصغار خاصة، وقد درج الناس على حُب مَن يحسنون إليهم ويعطفون عليهم، وأول المحسنين إلى الإنسان بعد الله تعالى والداه، إذ هما مصدر العطف والحنان الأول، بل هما أصل الإحسان في الدنيا، كما قال شوقي في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رحمت فأنت أم أو أب، هذان في الدنيا هما الرحماء، وإن من أبرز ما تهدف إليه الثقافة الإسلامية هو الوقوف على معالم الشخصية الإسلامية، التي رسم معالمها وبين حدودها، وحقق وجودها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أرض الواقع.

وفق ذلك المنهج الرباني الرشيد بعيدا عن أدران الجاهلية وشوائبها فأحل العلم محلّ الجهل، والنور بدلا من الظلمة، والهدى بدلا من الضلال، وأحال ضعف العرب قوة، وتمزقهم وحدة، وعصبيتهم القبلية ولاء لله ورسوله، وجعل منهم أمة مؤمنة صادقة وقوية، وهي خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، ولقد اعتني الإسلام بالأم عناية خاصة، وأوصى بالاهتمام بها، حيث أنها تتحمل الكثير لكي يحيا ويسعد أبناءها ولقد أمر الله سبحانه وتعالى ببرها وحرم عقوقها، وعلق رضاه برضاها، كما أمر الله عز وجل بحسن صحبتها ومعاملتها بالحسنى ردا للجميل، وعرفانا بالفضل لصاحبه، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الوصية بالأم، لأن الأم أكثر شفقة وأكثر عطفا.

لأنها هي التي تحملت آلام الحمل والوضع والرعاية والتربية، فهي أولى من غيرها بحسن المصاحبة، ورد الجميل، وبعد الأم يأتي دور الأب لأنه هو المسئول عن النفقة والرعاية فيجب أن يرد له الجميل عند الكبر، فالأم هي مصدر الحنان والرعاية والعطاء بلا حدود، وهي المرشد إلى طريق الإيمان والهدوء النفسي، وهي المصدر الذي يحتوينا ليزرع فينا بذور الأمن والطمأنينة، وهي إشراقة النور في حياتنا، ونبع الحنان المتدفق، بل هي الحنان ذاته يتجسد في صورة إنسان، وهي المعرفة التي تعرفنا أن السعادة الحقيقية في حب الله، وهي صمام الأمان، والإسلام قدم لنا الأم بالبر على الأب لسببين وهو أن الأم تعاني بحمل الابن سواء كان ذكرا أم أنثى وولادته وإرضاعه والقيام على أمره وتربيته أكثر مما يعانيه الأب.

وجاء ذلك صريحا في قوله تبارك وتعالى في سورة لقمان ” ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير” وأن الأم بما فطرت عليه من عاطفة وحب وحنان أكثر رحمة وعناية واهتماما من الأب، فالابن قد يتساهل في حق أمه عليه، لما يرى من ظواهر عطفها ورحمتها وحنانها ولهذا أوصت الشريعة الإسلامية الابن بأن يكون أكثر برا بها وطاعة لها حتى لايتساهل في حقها، ولا يتغاضى عن برها واحترامها وإكرامها، ومما يؤكد حنان الأم وشفقتها أن الابن مهما كان عاقا لها، مستهزئا بها معرضا عنها، فإنها تنسى كل شيء حين يصاب بمصيبة أو تحل عليه كارثة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك، والصحبة والمصاحبة هي الرفقة والعشرة، وأولى الناس بحسن المصاحبة وجميل الرعاية ووافر العطف والرفقة الحسنة هي الأم التي حملت وليدها وهنا على وهن وإن هذا الحديث يدل على أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب، وذلك أن صعوبة الحمل، وصعوبة الوضع، وصعوبة الرضاع والتربية، تنفرد بها الأم دون الأب، فهذه ثلاث مشقات يخلو منها الأب.

الأمهات والثقافة الإسلامية


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة