مقالات ووجهات نظر

الرحمة وأعظم نوافل العبادات

الرحمة وأعظم نوافل العبادات

الرحمة وأعظم نوافل العبادات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الرحمة وأعظم نوافل العبادات

الحمد لله مصرف الأمور، ومقدر المقدور، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وهو الغفور الشكور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنفع يوم النشور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالهدى والنور، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، فازوا بشرف الصحبة وفضل القربى ومضاعفة الأجور، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الآصال والبكور، إن الرحمة هي إرادة إيصال الخير للغير، وهي رقة تقتضي الإحسان إلى المرحوم، والرحمة إنعام وإفضال وإحسان، والتراحم بين الخلق يعني نشر الرحمة بينهم، يعني التآزر والتعاطف والتعاون، يعني بذل الخير والمعروف والإحسان لمن هو في حاجة إليه، ويكفي الرحمة شرفا وقدرا أنها صفة من صفات الله عز وجل.

يتضمنها اسمه سبحانه الرحمان، واسمه الرحيم، فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ويقول ابن الأثير رحمه الله تعالى في معنى الرحمن الرحيم، أنه في أسماء الله تعالى الرحمن الرحيم وهما اسمان مشتقان من الرحمة، مثل ندمان ونديم، وهما من أبنية المبالغة ورحمن أبلغ من رحيم، والرحمن خاص بالله لا يسمى به غيره، ولا يوصف، والرحيم يوصف به غير الله تعالى، فيقال رجل رحيم، ولا يقال رحمن، والرحمة من صفات الذات لله تعالى والرحمن وصف، وصف الله تعالى به نفسه وهو متضمن لمعنى الرحمة، وكل رحمة تراها في الوجود إنما هي من رحمة الله عز وجل، ولقد كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم، يرون بر الوالدين أعظم من نوافل العبادات، فقال محمد بن المنكدر ” بت أغمز رجل أمى، وبات أخى يصلى، وما يسرني أن ليلتي بليلته”

وأن ابن عمر رضي الله عنهما قال لرجل ” أتفرق النار وتحب أن تدخل الجنة؟ قال أى والله، قال أحي والدك؟ قال عندي أمي، فقال ابن عمر، فوالله لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر” والوفاء مع الوالدين لا ينقطع بموتهما، فالابن الوفي البار يشرك والديه معه في صدقاته وبره وإحسانه، ولا ينساهما من دعائه واستغفاره، فقيل أن سعد بن عبادة رضي الله عنه تصدق ببستان عن أمه وفاء لحقها، فقال يا رسول الله، إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، أينفعها شيء إن تصدقت به عنها؟ قال “نعم” قال فإني أشهدك أن حائطي المخراف، صدقة عليها” رواه البخارى، وقيل أنه حفر بئرا وقال هذه لأم سعد، وقال عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم وأرضاهم ” مات أبي فما سألت الله عز وجل حولا كاملا إلا العفو عنه”

فعلى نهج الكتاب والسنة تربى الصالحون الأطهار، من الصحابة والتابعين الأبرار، فهذه سيرتهم العطرة في وفائهم مع آبائهم وأمهاتهم، قد فاح عبيرها وعلا ذكرها، ولا يزال الوفاء في الأمة باقيا إلى يوم القيامة، فإن أعظم الناس وفاء هم الأنبياء ورسولنا صلى الله عليه وسلم بلغ المنتهى في الوفاء وحفظ العهد، فمن كريم وفائه صلى الله عليه وسلم بأمته، أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، وادخر دعوته المستجابة شفاعة لأمته يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لكل نبى دعوة مستجابة وإنى وضعت دعوتى شفاعة لأمتى يوم القيامة وهى نائلة منكم إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا”.

الرحمة وأعظم نوافل العبادات


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة