المسخ الصغير
المسخ الصغير
راغده شفيق محمود
المسخ الصغير
عرفته منذ الصغر وأنا ابنة القرن الماضي ، جاءت ولادتي بعد انتصار تشرين التي غرست في قلوبنا محبة العرب، انتصرنا ولكن بترت أجزاء من أطرافنا، غرسناها ونرويها بدمع العيون ودم القلوب لتحيا ونعيد زراعتها في مكانها يوما،
عرفته جيدا في حكايات أمي وجدتي ، كانَ يسرقُ طعام الصغار وينهبُ المواسم، ويزرع الشقاق بين الأخوة. يدعمه غرباء اعتادوا فنون السرقة والترويع، كنا نستمع لآخبارهِ بخوف لأننا لا نمتلك القوة والعون .
سطا على منزل استأجره لوقت، ثمّ شرّد أصحاب الدار في ليلة مظلمة. مجموعة من الجيران حاولوا مواجهته وإعادة هذا الجار المسكين وأولاده لمنزلهم وحمايتهم من التشرد وضنك العيش، فجأة ظهر الغرباء وفي مشاجرة غير متكافئة كانت المنازل القريبة خالية من ساكنيها ليستقدم أصحابه من الهمج و الغرباء ، هو صغير وكانّه مسخ، تربى الأطفال وكبروا على الخوف منه وأصبح له مزرعة كبيرة وأخذ المسخ يكبر كلما التهم طفلا واعتاد أكل الأطفال لأن زعيم الغرباء أخبره من يأكل أطفال العدو يضمن المستقبل والبقاء ويزداد قوة.
كبرت المزرعة وأصبحت قرية ثمّ احتاج للكثير من الأشلاء والدماء وأصبح لديه دولة زائفة. لم يعلم أن الحياة في البعيد تسير. ودائما يوجد ناجٍ وحيد يعيد الحق وينتزع رأس الباطل وها هو ذاك المسخ يصرخ ويصرخ من التخمة ويأكل بنهمٍ كبير… وذاك الناجي يزداد قوة وطلبا للثأر، ويتحضر للعودة مع أصحاب الأرض .
المسخ الصغير
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.