راقت الدماء من أجل الوطن
راقت الدماء من أجل الوطن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 8 نوفمبر 2023
راقت الدماء من أجل الوطن
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، أما بعد لقد اهتم الإسلام بالإنسان فكرمه ونعمه، وقد جعله الله أمة وحده متميزا عن سائر المخلوقات، وسخر له ما في السموات وما في الأرض، وحمله مسؤولية إعمار الأرض، وجعل له الجنة جزاء إن أحسن الأعمار، والإنسان يحتاج إلى التعليم وإلى الهدى ولذلك بعث الله الأنبياء والرسل معلمين للناس، والشرائع التي ارتضاها الله تبارك وتعالى، وجاءت رسالة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة للرسالات، وجاء هو خاتم الرسل هذه الرسالة جاءت عامة ووافية وكافية، واستوعبت لجميع الأغراض والمجالات المختلفة إلى يوم الدين، والفرد المسلم هو من أسرة وعائلة مسلمة قد تربى على الإسلام.
فهو مصدر إشعاع ونور لهذا الصرح العالي الشامخ، وعند ذلك يكون المجتمع صالحا، والإنسان لا بد من أن يواجه المتاعب والفتن والابتلاء والآلام والمصاعب، والناس أمام مشاكلهم على مراتب، قسم يخطط لمستقبله ليقلل المشاكل، فيربي أولاده وفق منهج معين، ويدخلهم المدارس ويأخذ بهم نحو الأفضل، وقسم لا يخططون بل يكونون مع التيار، فان أصابتهم مصيبة أو حلت بهم كارثة، أو وقعوا في معضلة بادروا بحلها ومعالجتها ولا يخفى ما في ذلك من ارتجال ونقص، أما القسم الثالث فهم من لا يبالي أبدا، وهؤلاء لا يلتفتون لحل مشاكلهم جديا بل يهملونها، ويتركون الحل للزمان مهما كانت النتائج، وهنا يسأل سائل لماذا تحدث المشكلة في أسرنا ومجتمعاتنا؟ وإنه يجب على كل مسلم أن يحب وطنه، ويتفانى في خدمته.
ويضحي للدفاع عنه، فحب الوطن والدفاع عنه لا يحتاج لمساومة، ولا يحتاج لمزايدة ولا يحتاج لشعارات رنانة ولا يحتاج لآلاف الكلمات، فإن أفعالنا تشير إلى حبنا، حركاتنا تدل عليه، حروفنا وكلماتنا تنساب إليه، أصواتنا تنطق به، آمالنا تتجه إليه، طموحاتنا ترتبط به، لأجل أرض وأوطان راقت الدماء، لأجل أرض وأوطان تشردت أمم، لأجل أرض وأوطان تحملت الشعوب ألوانا من العذاب، لأجل أن نكون منها وبها ولها، وإليها مطالبون أينما كنا أن نحافظ عليها، فحب الوطن والتضحية من أجله هو واقع يستحق أن نعمل بحب وتفان من أجل المحافظة عليه لأنه أثمن ما في وجودنا وانتمائنا، فالوطن هو التاريخ والحضارة والتراث، وهو الذي سكن جسدنا وروحنا وذاكرتنا، ومن أجله وخاصة في هذه الفترة العصيبة.
فإننا نحتاج إلى العمل من دون مقابل، لأن الوطن فوق كل شيء، وإن حب الوطن هو فطره ربانيه فى الإنسان وإن هذه سنة الله في المخلوقات فقد جعلها الله في فطرة الإنسان، وإلا فما الذي يجعل الإنسان الذي يعيش في المناطق شديدة الحرارة، والتي قد تصل إلى ستين درجة فوق الصفر، وذلك الذي يعيش في القطب المتجمد الشمالي تحت البرد القارص، أو ذلك الذي يعيش في الغابات والأدغال يعاني من مخاطر الحياة كل يوم، ما الذي جعلهم يتحملون كل ذلك إلا حبهم لوطنهم وديارهم؟ لذلك كان من حق الوطن علينا أن نحبه، وهذا ما أعلنه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو يترك مكة تركا مؤقتا، فعن عبد الله بن عدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بالحزورة من مكه يقول.
” والله إنك لخير أرض الله إلى الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت ” رواه الترمذى، فما أروعها من كلمات، كلمات قالها الحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يودع وطنه، إنها تكشف عن حب عميق، وانتماء صادق، وتعلق كبير بالوطن، بمكة المكرمة، بحلها وحرمها، بجبالها ووديانها، برملها وصخورها، بمائها وهوائها، هواؤها عليل ولو كان محملا بالغبار، وماؤها زلال ولو خالطه الأكدار، وتربتها دواء ولو كانت قفارا، فإنها الأرض التي ولد فيها، ونشأ فيها، وشبّ فيها، وتزوج فيها، فيها ذكريات لا تنسى.
راقت الدماء من أجل الوطن
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.