الكلام بين الأمانة والصدق
الكلام بين الأمانة والصدق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 7 نوفمبر
الكلام بين الأمانة والصدق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه أي الذي توفي فيه ” وددت أن عندي بعض أصحابي، قلنا يا رسول الله، ألا ندعو لك أبا بكر؟ فسكت، قلنا ألا ندعو لك عمر؟ فسكت، قلنا ألا ندعو لك عثمان؟ قال نعم، فجاء فخلا به، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه، ووجه عثمان يتغير، قال قيس فحدثني أبو سهلة مولى عثمان، أن عثمان بن عفان قال يوم الدار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهدا فأنا صائر إليه، وقال عليّ في حديثه وأنا صابر عليه، قال قيس فكانوا يرونه ذلك اليوم” رواه ابن ماجه وهو يوم الدار يوم حُوصر عثمان بن عفان رضي الله عنه في داره بالمدينة المنورة.
وفي قوله “وعهد إليّ عهدا” قال الطيبي “أي أوصاني بأن أصبر ولا أقاتل” وإن النبي صلى الله عليه وسلم، قد صدق كلاما قاله الشيطان لما وكل أبا هريرة رضى الله عنه، بحفظ بيت المال وجاء الشيطان بهيئة رجل يحثو منه، فألقى أبو هريرة رضى الله عنه، القبض عليه في أول ليلة وثاني ليلة وثالث ليلة وفي النهاية قال له إني أعلمك آية إذا قلتها قبل النوم حفظك الله لا يقربك شيطان، قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية ” الله لا إله إلا هو الحى القيوم ” وقال لي، لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح “رواه البخاري، وكان أبو هريرة رضى الله عنه، حريص على الخير، فقد أطلق الرجل لأجل هذه الفائدة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟
قال لا، قال صلى الله عليه وسلم فذاك شيطان” رواه البخاري، إذن، قد يصدق الكذوب، فإذا قال صدقا فإننا نقبله ولا نقول لا، لأنهم يكذبون، أو فجرة لا نقبل منهم شيئا ولا نصدقهم، بل نصدق ما قالوه إذا وافق الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم، صدق أحد أحبار اليهود، حيث قال “يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر” صدقه بالضحك الذي هو كناية عن الرضا والإقرار بما قاله، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم ” وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامه والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون” رواه احمد والترمذى.
ولكن هل هناك صدق مذموم؟ وإن الجواب هو نعم، فإن من الصدق المذموم هو الغيبة والنميمة والسعاية، ولو ذكره بما ليس فيه، لكان هذا بهتانا، ولكن لو ذكرته بما فيه وقلت أنا صادق فربما عذر المغتاب نفسه بأنه يقول حقا، لكن هذا بعيد عن الصواب ومخالف للأدب، لأنه ولو كان في الغيبة صادقا فقد هتك سترا كان صونه أولى، وجاهر من أسر وأخفى، وربما دعا المغتاب، وكذلك النمام والقتات، النمام يمكن أن يكون في نقل الكلام في غاية الأمانة لا يزيد ولا ينقص من الكلام، يذهب للشخص الآخر يقول فلان قال عنك في المجلس الفلاني كذا وكذا وكذا، عابك وقال عنك كذا وكذا وكذا، ونقل الكلام بأمانة وبصدق، ما كذب ولا افترى، فما حكم هذه النميمة ما حكم هذا الصدق في النقل؟ فإنه حرام، وهى نميمة، فالنمام الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم حديثهم وينقله.
الكلام بين الأمانة والصدق
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.