أرض النفاق بقلم / محمدسميرخيال
بقلم / محمدسميرخيال
إن أرض النفاق لايقصد بها أرض بعينها على سطح كوكبنا الأرض بل هي موجودة في شتى البلدان بالعالم بمختلف الأجناس البشرية ومختلف لغاتهم وأهل هذه الأرض التي سنتحدث عنها يتسمون بالنفاق. لذلك لابد أن نتعرف على بعض من خصال النفاق التي يتصف بها أهل هذه الأرض ويظهرون بها في مجتمعهم ويعرف أنهم منافقون. النفاق الاجتماعي هو مصطلح يُستخدم لوصف حالة من عدم التناغم بين السلوك الظاهر للفرد ومعتقداته الحقيقية ويعبر عن حالة تناقض بين ما يقدمه الفرد للمجتمع من تصرفات معينة وبين ما يكمنه في الخفاء. إن النفاق كغيره من السلوكيات له صفات. ومن ذلك ما رواه البخاري أن النبي ﷺ قال: «أربعٌ من كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَنْ كانتْ فيه خصلةٌ منهن كانتْ فيه خصلةٌ مِنَ النفاق حتى يدَعَها: إذا حدَّث كذَب، وإذا وَعدَ أخْلف، وإذا اؤتمنَ خَان، وإذا خاصمَ فجَر». وهذه الخصال تشير إلى إصابة أصحابها بأمراض نفسية ناتجة عن قلوبهم المريضة كما قال الله ﷻ في القرآن الكريم: ۞ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ۞ يتجلى النفاق الاجتماعي بالمجتمع في سلوكيات مختلفة، مثل: – التظاهر بالنقاء والأخلاق الحميدة في المجتمع، في حين يقوم الفرد بأفعال خلافها في الخفاء. – التظاهر بالكرم والسخاء أمام الآخر ولكن في الواقع يكون الشخص بخيلًا أو لا يملك المساعدة الحقيقية. – التظاهر بالتدين والتقوى الدينية، ولكن في الوقت نفسه يتصرف بطرق غير ملتزمة بتعاليم الدين في الخفاء. – التظاهر بالاهتمام بالآخرين والتفاعل الاجتماعي الجيد، ولكن في الواقع يكون الشخص غير مهتم. إن بعض ما نراه بالعالم الآن من شخصيات هي ثمار حصاد لما تم زرعه مما كان قبلنا ومن الأحداث أيضاً التي تجري في زماننا هي منتجات لما صنعته تلك الشخصيات، وبعضنا يعيش وكأنه جمهور يجلس على المقاعد أو يقف ليشاهد عرض مسرحية بشخصيات عديدة تؤدي أدوارها التي قد كتبها أشخاص وقد وزعوا الأدوار على من يستطيع أداءها بشكل مناسب ويتناسب مع أفكارهم ورؤيتهم الموجهة للجمهور. لذلك لن تجد فرق كبير بين ما حدث في سنوات ماضية و ما يحدث الآن بالعالم ، فهو ليس إلا حصاد ما تم زرعه في الأجيال الماضية والذي تجنيه الآن هي الأجيال الحالية التي تعد بمثابة الثمار التي ستقطفها وإما أن تكون طيبة أو تكون عطبة عفنة. إن كل ما نراه شاذاً عن المألوف وبعيداً عن الوسطية سواء في مجال الدين أو العلم أو الفن أو الأزياء و كل ما هو دخيل على أي مجتمع في الدين والعرف والعادات والتقاليد التي تميز كل شعب وتعبر عن ماضيه الجميل وحضارته العريقة ووطنه الأصيل، كل ما تراه غريب لم يكن وليد الصدفة، إنما وليد غياب الوعي وإنحدارالثقافة والتقليد الأعمى ونقص التربية والتعصب الديني وإنقراض العلماء واختفاء الأدباء وقلة الفقهاء وهجرة المواطنين وعودة المغتربين بأفكار دخيلة على بلادهم نقلوها معهم من بلاد الغربة إلى وطنهم لينشروها وسط مجتمعهم بما اكتسبوه بالخارج. إن ما نراه الآن في المجتمع من (الخلل الأسري) ناتج عن بعض المذيعات التي تخللت سلك الإعلام لتقدم رؤيتها عن الحياة الأسرية الحديثة حيث يجب للمرأة أن تكون أقوى من الرجل وذلك من وجهة نظرها بعد فشلها في تكوين أسرة لتعويض عقدة النقص. أو( الإنحطاط الأخلاقي ) الناتج عن انفتاح السوشيال ميديا للجميع بدون ضوابط ستجد البعض من الرجال والنساء أوالبنات والأولاد من مراحل الطفولة إلى مراحل الشباب هذا يغني بصوت أجش وهذه تستعرض أنوثتها وصداقات بين شباب وفتيات تفوق ما يفعله الأزواج، وأطفال بأفعال تخطت مرحلتهم العمرية ولاتليق بها. عن أبي هريرة وانس بن مالك وغيرهما: قال رسول الله ﷺ: « سيأتي على الناس، سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة” قيل:وما الرويبضة؟ قال: “الرجل التافه يتكلم في أمر العامة». وهذا مانراه الآن في وسائل الإعلام. ( التعصب الديني) تندهش رغم أن النبي محمد ص أخبرنا أن ماهي إلا فرقة واحدة ناجية من النار لكن تجد العديد من المسلمين تفرقوا إلى جماعات متعددة كل واحدة تظن أنها الناجية والباقي غيرها هو الخطأ سواء كانت تدعي نفسها جماعة فلان أوعلان ……. لقد أضاعوا الهوية بحشو عقول الغلابة بما يروه متناسب مع رؤيتهم تحت ستار الدين الذي يضعف أمامه الجميع خشية ربهم ، و لم يقتصر الأمر على المسلمين فقط بل هناك من الجماعات التي تدعوا للتعصب ونشر الفتن سواء بين الطوائف المسيحية أو حتى اليهودية. لماذا يترك المواطن أقوال وأفكار وخطب دينية لمشايخ فقهاء وعلماء في بلده ويتمسك بفقه يختص بلدان ومجتمعات لا ينتمي لها وكأنه ضد سماحة إختلاف المذاهب الأربعة. سأل النبي ﷺ: « متى الساعة؟ قال: إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة.. قال وما أضاعتها؟ قال إذا ولي الأمر غير أهله فانتظر الساعة ». إن من علامات الاختلال وعدم الإتزان، وانتشار الظلم وغياب العدالة، وكثرة الخيانة وعدم الأمانة، أن يتولى الأمور من لايحسنها وليس بأهل لها؛ فتفسد الأحوال، وتختلط الأمور، وتكثر المظالم ، وينتشر الفساد ويطغى المفسدين في الأرض. عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إن من أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنَكم أخلاقًا، وإنَّ أبغضَكم إليَّ، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدِّقون والمتفيهقون». “الثَّرثارون” الَّذين يُكثِرون الكَلامَ ويتَكلَّفون فيه بغيرِ حقٍّ بالسَّجعِ، “المتشدِّقون” الَّذين يتَوسَّعون في الكلامِ، ويَلْوون ألسِنتَهم به، “المتفيهِقون” الَّذين يتَكبَّرون على النَّاسِ بكَلامِهم وبفَصاحتِهم بقولهم. إن ما أخبرنا به النبي ﷺ واقع أقرب ما يكون لواقعنا، ليس على مستوى بلد أو وطن أو أمة بل مستوى العالم. انظروا فقط إلى الأحداث والوقائع، واسمعوا إلى الإعلام، وتابعوا تصريحات المسؤليين؛ لتروا الغرائب والعجائب وانقلاب الموازين وتغير الأحوال على جميع المستويات. فالصادق و الأمين يقال عنه كاذب وخائن ، الكذاب يقال عنه صادق، والناصح المخلص يهان ويدان. والعميل الخائن يصفق له ويصان، والمؤمن التقي متخلف والفاجرالفاسق يكرم كمواطن صالح. والمرأة العفيفة المتسترة يخوف منها ويحذر، والعارية والعاهرة تقدم نصائحئها وتجاربها للمجتمع. وفي الختام نعوذ بالله ﷻ من النفاق ومن أهل النفاق ومن أرض النفاق.
أرض النفاق بقلم / محمدسميرخيال
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.