مقالات ووجهات نظر

المسافة الآمنة

ايمان بكرى

ليست المسافة الآمنة في قانون قيادة المحركات فحسب ولكننا نحتاج إليها في قيادة حياتنا
فينبغي أن نترك مسافة آمنة في ثقتنا وتعاملاتنا وشعورنا وتعلقاتنا
تلك المسافة التي تأمن لك السلامة إذا قرر الآخر التقهقر والرجوع للخلف والتي تتيح لك فرصة إلمام نفسك
تلك المسافة التي لا تفقدك حياتك ربما وأنت على قيد الحياة
إنها المسافة التي تجعل قرارك ومصيرك وسعادتك وحياتك بيدك لا بيد غيرك من البشر
تلك المسافة التي تجعلك تحب من يحبك حتى يزيد حبه لك وتنعم بحبك فلا تؤذى ولا تستغل بحبك
وتعطي من يعطيك حتى يثمر عطاؤك وتزداد عطاء
وتخذل من خذلك حتى لا تشعر بخيبة الخذلان وحدك
وتستغنى عمن استغنى عنك فلا تفقد ذاتك ولا تضع كرامتك تحت أقدام أحدهم يدعسها كيفما شاء
هي تلك المسافة التي تنظم درجة تعلقك بالآخر فلا تثقل ظهرك بتحمل أوزاره ولا تضطر أن تُخيَر بين التنازل عن نفسك وعن كرامتك وعن سعادتك وعن أمنك وعن سكينتك بدلا من خسارته ظنا منك أنه لا حياة بدونه وربما الحقيقة أنه لا حياة به ومعه
أما عن الحب
فهو ذلك الشعور الذي كلما انغمست فيه تغير حولك كل شيء
ربما الشعور واحد ولكن يختلف حال صاحبه بمدى محافظة حبيبه عليه أو استغلاله وابتزازه له به
وفي الحقيقة نحن لا نحب الأشياء ولكن نحب أنفسنا بتلك الأشياء لأننا بها أفضل حالا عما نحن عليه بدونها فعشقنا لها ما هو إلا عشقنا لأنفسنا بها ومعها
فأحب الأماكن إلينا هي ما تسكن الروح فيها ونجد بها الأمن والأمان والراحة
وأحب الثياب هي تلك التي نبدو بها أجمل من بغيرها
وأما عن الأشخاص فالقلب يسكن إلى من نذهب إليهم بهمومنا ونرجع بدونها إلى من نجد أنفسنا معهم الأفضل إلى من يمنحوننا الأمن والأمان والسكينة والطمأنينة إلى من نحتاج وجودنا معهم ووجودهم معنا أولئك الذين يتشبثون بأيدينا وكأننا الحياة أولئك الذين يجعلوننا أفضل معهم وبهم عما بدونهم أولئك الذين ألفوا روحك فألفتهم أحبوك فأحببتهم سمعوك فشكوت لهم شعروا أحزانك فتقاسمتها معهم استبكوك فبكيت على كتفهم حاربوا من أجلك فاستأنست بهم فرحوا بك فأسعدوك
هؤلاء فقط من تترك لهم كل المسافات فوجودهم على مقربة آمنا


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة