المعاني الإنسانية في تربية الابناء
المعاني الإنسانية في تربية الابناء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
المعاني الإنسانية في تربية الابناء
اليوم : الجمعة الموافق 19 يناير 2024
الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، الملك، الحق، المبين، وأشهد أن نبينا محمدا رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلى آله، وصحبه، أجمعين، أما بعد اعلموا يرحمكم الله أن في مرحلة الشيخوخة والكبر يحتاج الأبوان إلى زيارة الأبناء لهما ورعايتهما وتفقد أحوالهما على الدوام فهما أحق الناس بصلتك وتفقدك وزيارتك، وعليك بخدمتهما، والإحسان إليهما، مهما كانت ظروفك، وكثرت همومك وانشغالاتك، ومهما كانت أسباب خلافك مع والديك، وكما أن من حقوق الآباء على الأبناء هو برّهما بعد مماتهما، فبرّ الوالدين لا ينقطع بالموت، وحقهما لا ينتهي برحيلهما عن هذه الدار، بل هو مستمر ودائم مدة بقاء الأبناء على قيد الحياة لأن حقوقهما لا تنحصر في خدمتهما والنفقة عليهما بل لهما حقوق يحتاجانها بعد رحيلهما.
وهذه دعوة لمن قصّر في بر والديه في حياتهما، أو كان صغيرا عند وفاتهما، أن يستدرك ما فاته من البر بعد وفاتهما، فمن بر الوالدين بعد وفاتهما هو زيارة أقاربهما وأهل وُدّهما، ففي زيارة الأقارب وصلة الأرحام بر بالوالدين، وفي صلة أهل وُدّ الوالدين من الأحباب والأصدقاء بر بالوالدين، واعلموا إن القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإذا تعرض الإنسان لأي ضعف في دينه فعليه بالقرآن، ويجب على المسلم أن يتأثر بالقرآن الكريم عند تلاوته ويتفاعل معه فيضطرب أو يهتز قلبه، ويشعر كأن القرآن يتنزل عليه هو في قراءته، وإن من ينظر إلى الواقع الأليم يجد انحدارا ملحوظا في المعاني الإنسانية التي تربي عليها آباؤنا وأجدادنا ولذلك حينما تجلس مع أحد من كبار السن.
تجد هذه المعاني متأصلة فيهم وتجدها في سلم الانحدار فيمن بعدهم من شباب الموضة والمظاهر الخداعة، وفي ذلك يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه “أتى على الناس زمان كان الرجل يدخل السوق ويقول من ترون لي أن أعامل من الناس؟ فيقال له عامل من شئت، ثم أتى زمان آخر كانوا يقولون عامل من شئت إلا فلانا وفلانا، ثم أتى زمان آخر فكان يقال لا تعامل أحدا إلا فلانا وفلانا، فما أحوج الأمة الإسلامية إلى تطبيق المعاني الإنسانية التي تربى عليها الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين إن هذه الإنسانية جعلت الواحد منهم يقضي كله من أجل احترام إنسانية الإنسان الذي أمامه مهما كان موضع كل منهما، فهذه خولة بنت ثعلبة ذات يوم مرت بعمر بن الخطاب رضي الله عنه أيام خلافته، وكان خارجا من المنزل.
فاستوقفته طويلا ووعظته قائلة له يا عمر، كنت تدعى عميرا، ثم قيل لك عمر، ثم قيل لك يا أمير المؤمنين، فاتق الله يا عمر، فإن من أيقن بالموت خاف الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب، وعمر رضي الله عنه واقف يسمع كلامها بخشوع، فقيل له يا أمير المؤمنين، أتقف لهذه العجوز هذا الوقوف كله؟ فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه، والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره لا زلت إلا للصلاة المكتوبة، ثم سألهم أتدرون من هذه العجوز؟ قالوا،لا، قال رضي الله عنه، هي التي قد سمع الله قولها من فوق سبع سماوات، أفيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر؟ فما أحوج الأمة إلى القيم الإنسانية ولا سيما مع الضعفاء وذوي الاحتياجات وذلك بأن نقضي حاجتهم ونرفق بهم.
المعاني الإنسانية في تربية الابناء
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.