مقالات ووجهات نظر

حنانيات

حنانيات

بقلم/ حنان ممدوح الطيب

رئيس قطاع مدن القناة والبحر الأحمر

حنانيات نحتفل فى الأول من مايو كل عام بمناسبة غالية علينا جميعاً، فالأغلب الأعم منا من أبناء الطبقة المتوسطة يدينون بالفضل لأصحاب تلك المناسبة، ندين لأبائنا الذين صنعوا ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بعرقهم الطاهر وسواعدهم الفتية وقلوبهم النقية، والذين كان لهم الفضل فى بناء دعائم نهضة الوطن والركن الركين لمساعيه نحو التنمية المستدامة فى خططه المستقبلية التى سعت إليها الحكومات المتعاقبة، وتلك المناسبة هى عيد العمال وهو عيد ظل لعقود يعبر عن إنتصار العمال فى نضالهم لنيل حقوقهم التى كانت تتمثل فى بدايتها حول تحديد ساعات العمل بثمانية ساعات، وإستمر ذلك النضال لنيل حقوق أخرى كثيرة من خلال التكوينات النقابية التى ينتمون إليها، ذلك النضال الذى حقق بعض النجاحات فى الماضى والتى خلقت الطبقة المتوسطة التى كانت تشكل مساحة عريضة فى تكوين المجتمع، تلك الطبقة التى كان لها الفضل فى أن يكونوا النبع الذى يمد المجتمع بالمقومات الأساسية لروافد النهضة والتنمية من خلال إهتمامهم بتعليم أبنائهم، فقدموا لمجتمعهم الصناع المهرة والمهندسين والأطباء والمحاسبين والمعلمين والأدباء والمثقفين والإعلاميين والصحفيين والفنانين والمبدعين وأساتذة الجامعات والجنود والقادة العسكريين والأمنيين المؤهلين ، فأنتجوا لوطنهم كل عناصر القوة الناعمة والصلبة التى منحته القوة ونسجت له رداء الريادة . 

وما لبثت تلك المكتسبات التى حصل عليها العمال الذين يشكلون الشريحة الأكبر من الطبقة المتوسطة أن تتبخر مع هبوب رياح الخصخصة، التى حولتهم بسطوة رأس المال الذى فرض آلية التقاعد المبكر، من طبقة عاملة تسعى للحصول على مزيد من الحقوق والمكتسبات إلى بطالة مقنعة تكافح من أجل البقاء. 

وما أن تأقلموا مع تلك الرياح حتى تلاطمتهم أمواج نوات إقتصادية عاتية، أغرقتهم فى قاع الطبقة الفقيرة بعد أن كافحوا ليكونوا بالكاد على حافة الطبقة المتوسطة. 

تلك النوات كانت نتيجة حتمية كرد فعل لثورات الربيع العربى و 30 يونيو ب-ه-روب رؤوس الأموال وغلق العديد من المصانع والإستثمارات، وتفشى جائحة كورونا وال-ح-رب الروسية الأوكرانية

التى أثرت سلباً على الإقتصاد العالمى ومنها مصر، وحرب الإبادة على قطاع غزة وه-ج-مات الحوثى على الحركة البحرية فى البحر الأحمر وتأثير ذلك على دخل قناة السويس بشكل مباشر وزيادة تكاليف النقل الذى أثر على زيادة أسعار السلع على مستوى العالم، ثم تحرير سعر الصرف والذى أصاب الجميع فى مقتل ومن بينهم العمال. 

وأخيراً ونأمل ونرجوا ونتمنى أن يكون آخراً .. تلك ال-ح-رب التجارية العالمية التى أشعل فتيلها الرئيس دونالد ترامب بقرار رفع التعريفة الجمركية على الواردات الأمريكية من جميع الدول وعلى رأسها وفى مقدمتها وأعلاها قيمة، الواردات الصينية، تلك التعريفة التى بغير شك تودى بدول العالم إلى دوامة الركود الإقتصادى التى قد تعود بالجميع إلى زمن القرون الوسطى . 

وفى مثل هذه ال-ح-روب التى تشتد فيها الكروب، يجب على جميع ط-وائف وفئات المجتمع الإصطفاف والتعاون للتخفيف من آثارها والوصول بسفينة الوطن إلى بر الأمان

فليكن عيد العمال هذا العام بمثابة دعوة لكل مواطن قدر الإمكان بترشيد الإستهلاك للخدمات التى تنفق فيها الدولة المليارات من العملة الصعبة، والتى تعود بالتالى على المواطن بزيادة فى الأسعار تل-هب الجميع. 

وليكن عيد العمال هذا العام دعوة وطنية للزراع والتجار والصناع بكسب هامش ربح متوازن وتحجيم توحش رأس المال وإنصاف العمال فى الأجور بما يكفل لهم الحد الأدنى من كرامة العيش،

فليس من الإنصاف أن ندخل العالم الجديد الذى يبذرون نواته اليوم ويظل “العمال يزرعون الآمال ويحصدون ضيق الأحوال ”  بنت_الطيب 

حنانيات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى