فن ونجوممقالات ووجهات نظر

المُسَاكنة والزِّنَا وَجْهَان لِكَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ

المُسَاكنة والزِّنَا وَجْهَان لِكَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ

المُسَاكنة والزِّنَا وَجْهَان لِكَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ

كتبت: ندا أكرم.

يشتهر الفنان “كريم فهمي” بلسانٍ طليقٍ وجُرأة حادة تظهر في حواره أثناء استضافاته في البرامج التليفزيونية، حيثُ يتطرق إلى مواضع شائكة دون خجل أو مُجاملة.

وكشف “كريم فهمي” أسرار خفية عن حياته الشخصية، من بينها أنّه خاض تجربة المساكنة قبل الزّواج قائلًا: “أكره المُجاهرة بالمعصية، ولا أحُب الظهور في ثَوب الشّاب المُتدين، أنا مثل ناس كثيرة عملت حاجات غلط، لكن أرفض البوح بها على الهواء، وفي سِن صغير جربت فكرة المساكنة، وأغلب الشباب أكيد عدوا بالمرحلة دي، وأنا طبعًا كُنت منهم” وجاء هذا خلال مُقابلته مع الإعلامي”علي ياسين”مُقدم برنامج “كتاب الشُّهرة”على قناة الجديد.

وسرعان ما تصدر اسم الفنان “كريم فهمي” ترند مُحرك البحث “جوجل” ومواقع التوصل الاجتماعي بأنواعِها خلال الساعات القَليلة المَاضية، مما أثارت تصريحاته جدلًا واسعًا بين رواد السوشيال ميديا، وانهالت التعليقات عليه، وكان من بينها تساؤلات كثيرة متعجبين فيها عن تجربة “المساكنة”

( يعني إيه مُساكنة أصلًا ؟! )

•وَمِن اَلجدِير بِالذِّكْر، أنَّ ” فَهمِي ” لَم يَكُن أَوَّل من تَحدَّث عن ” المساكنة ” فقد سَبقَه الفنَّان ” مُحمَّد عَطيَّة ” بِتصْريحاته اَلتِي أثارتْ جدلًا كبيرًا مُنْذ عاميْنِ ، عَبْر برْنامج ” شُو اَلقِصة ” حِين قال : ” أنَّ المساكنة هِي اَلحَل الأمْثل ،

وأنَّ الزَّوَاج مُجرَّد عُرْف بَشرِي اِخْترعوه بِسَبب الزِّراعة ” تَابِع ” عَطيَّة ” الأنْسب اَتجُوز مِن غَيْر عَقْد زِيِّ المساكنة ، لِأنَّ اَلمُعظم بِيتْجوز عمْياني مع أنَّ الجنْس جُزْء مُهِم فِي العلاقة ، وَيرَى ” عَطيَّة ” أنَّ أَغلَب حالات الطَّلَاق بِتْحصل بِسَبب عدم تَوافُق فِي الحيَاة الجنْسيَّة ، فالْأفْضل نعيش مُسَاكنَة وَنشُوف يَنفَع نعيش مع بَعْض ولَا لَاء ؟!

وسَنقُوم فِي سُطورِنَا التَّالية بِالْحديث عن مَفهُوم المساكنة ، وسَرد عَواقِبه وَحُكمَه فِي الأدْيان السَّماويَّة ، ولم نَقصِد مُطْلقًا بِهَذا المقَال تَوبِيخ أحد ونقْده ، فَكُل مِنا لَه مَا لَه وعليْه مَا عليْه.

مَفهُوم المساكنة، وعاقبتهَا وعقوبتهَا فِي الأدْيان السَّماويَّة :

أكَّد عُلَماء ” الأزْهر اَلشرِيف ” أَكثَر مِن مَرَّة ، بِتحْرِيم ” المساكنة ” تِلْك التَّجْربة المسْتنشعة المبْتدعة ، وَهِي إِقامة عَلاقَة جِنْسيَّة غَيْر مَشرُوعة بَيْن رَجُل وامْرَأة كُلِّ مِنْهمَا أَجنَبي عن الآخر قَبْل ” الزَّوَاج ” ، تَ

حْت مُسمَّى مُنمَّق اِبْتدَعه اَلكثِير لِتحْلِيل مَا حَرمَه اَللَّه أَلَّا وَهُو ” المساكنة ” أو اَلْوَجْه الثَّانية لِلزِّنَا.

فمهْمَا تَعددَت المسمَّيات سَتظَل الفاحشة وَاحِدة ، وَكَبيرَة مِن الكبائر المحرَّمة فِي الإسْلام وَفِي سَائِر الأدْيان الإلهيَّة والْكتب السَّماويَّة ،

وَيعَد مُرْتكبهَا مُعْتدِيًا على الدِّين وَالعِرض ، وهدَّامًا لَحِق المجْتمع فِي صِيانة القيم والْأخْلاق 

ومسْتلمًا لِلْهبوط فِي مُسْتنْقَع الشَّهوات ، وبيْن ” اَلقُرآن اَلكرِيم ” أنَّ عاقبتهَا وَخِيمَة فِي الدُّنْيَا والْآخرة ، وَمِن اِرْتكبهَا فَقْد ساء سبيل ولو بَعْد حِين ؛ لِقوْله تَعالَى: “وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا” {سورة الإسراء، الآية 32}

ولم تَقتَصِر ” الآيَات القرْآنيَّة ” على إِبرَاز عاقبَته الوخيمة فقط ، بل حَرصَت النُّصوص القرْآنيَّة على تَوضِيح عُقوبَته أيْضًا ، اَلتِي مِن المفْترض تطْبيقهَا على مُرْتكبيه ، لِقوْله تَعالَى:
“الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3)” {سُورة النُّور}

ولَا يَنحَصِر تَحرِيم هَذِه الكبيرة على المسْلمين فقط ؛ فقد جَاءَت اَلوصِية السَّابعة « لََا تَزِن » ضِمْن الوصايَا العشْر فِي الكتَاب اَلمُقدس اَلعبْرِي ، وَالتِي كَتبَت على أَلوَاح مُوسَى ” عليْه السَّلَام ” ، وأوْضح الإنْجيل والتَّوْراة ” عُقُوبَة الزِّنَا ”

وَهِي الرَّجْم حَتَّى الموْتِ ، وَهُو حُكْم فِي شَرِيعَة مُوسَى ” عليْه السَّلَام ” الواردة فِي التَّوْراة ، وَهِي ذات العقوبة فِي شَرِيعَة عِيسى ” عليْه السَّلَام ” ، ولَا يَسمَح بِالاسْتهانة فِي تطْبيقهَا ، أو اَلخُروج عن بوْتقتهَا دَاخِل اليهوديَّة والْمسيحيَّة ، فَهِي بِمثابة ضروريَّات أخْلاقيَّة مُحَتمَة ، وقانونًا واجبًا التَّنْفيذ مِن قِبل البعْض .

المُساكنة بديل الزَّواج :

يعتبر تَقدِيم المساكنة لِلْمجْتمعات فِي إِطَار بديل الزَّوَاج أو مُقَدمَة لَه بِهَدف تَعرَّف كِلَا الطَّرفيْنِ على الآخر ؛ بِلَا زَوَاج شَرعِي مع التَّشْهير بِه ، دُون وُجُود أيِّ وَثائِق رَسمِية ، مَا هُو إِلَّا عَيَّن الزِّنَا اَلمُحرم شرْعًا ، وَتعَد المرْأة هُنَا الأكْثر ضررًا ، وَذلِك لِلنَّتائج المترتِّبة على العلاقة المحرَّمة بِالاعْتداء على كرامتهَا ، وَفَساد مَنظُومة اَلأُسرة واسْتقْرارهَا ، وَضَياع حُقوقِهَا ، وَكَأننَا نَعُود إِلى عُصُور الجاهليَّة ونكاح البغايَا ، بِالْإضافة إِلى إِهدَار لِحقوق مَا يَنتِج عن هَذِه العلاقة مِن نَسْل ، فالْبدايات الفاسدة لََا تُثْمِر إِلَّا الفاسد اَلخبِيث، “ومَا بُنِي على بَاطِلٍ فهُو بَاطِلٌ”.

كمَا يَستنْكِر ” مَركَز الأزْهر اَلشرِيف ”

طَرْح النِّقاشات حَوْل قَبُول مُمارسات مُنحرفَة ( المساكنة ) على مَرْأى ومسْمع مِن النَّاس فِي العلن ، وَعرَض المحْظور فِي صُورَة المرْغوب ، بل ويعدُّه طَرْح عَبثِي خطير فِيه اِسْتخْفافًا كبيرًا بِالْعقول ، وتحْطيمًا لِحصون الفضيلة وَالعِفة فِي نُفُوس الشَّبَاب والْفتيات.

ثَورَة أخْلاقيَّة لِإبادة الأفْكار السُّمِّيَّة :

لََا شكَّ بِأنَّنَا بِحاجة كَبِيرَة إِلى ” ثَورَة أخْلاقيَّة ” على أَيدِي الآبَاء والْأمَّهات ، والْمؤسَّسات التَّرْبويَّة والتَّعْليميَّة والثَّقافيَّة ، وبرامج التَّوْعية ، بِالْإضافة إِلى دَوْر رِجَال الدِّين بِاسْتغْلال منابرهم لِلْموْعظة ، والدُّروس بِالْكنائس ، لِكيْ يَستفِيق فِيهَا شَبَابنَا وفتياتنَا مِن ذَلِك اَلفَخ الملْعون نَحْو المسمَّيات المروِّجة كَتسمِية الزِّنَا بِالْمساكنة، الشُّذُوذ بِالْمثْليَّة ، وَغَيرهَا مِن المسمَّيات المضلِّلة.

لََا بُدَّ مِن اِقتِلاع جُذُور تِلْك الأفْكار السَّامَّة مِن الأذْهان ، والْعوْدة لِتعْزِيز قِيم الآدَاب ، والتَّمسُّك بِالْفضائل الدِّينيَّة القويمة والرَّاقية ، والْبعْد عن الرَّذائل ، وتحْصينهم مِن اَلوُقوع فِي مُسْتنْقعات الشَّهْوة خَاصَّة فِي ظِلِّ غَلَاء الأسْعار ، وَتعرْقِل الزَّوَاج ؛ بِسَبب المادِّيَّات ، وَحاجَة الشَّبَاب إِلى التَّنْفيس عن غريزَته الفطْريَّة فيضْطرُّ مُسْتسْهلا اللُّجوء إِلى مِثْل تِلْك الأفْكار الشَّيْطانيَّة ، واخْتزال عَلاقَة الزَّوَاج الرَّاقية بَيْن الرَّجل والْمرْأة اَلتِي على على اَلْمَودة والرَّحْمة فِي مُتعَة زَائِفة ، اِسْتجابة لِغرائز وشهوَات شَاذَّة ، دُون قَيْد مِن أَخلَاق وَحِكمَة العقْل ، ونداءات اَلضمِير.

وَيأتِي هذَا تَحْت مُسمَّى ” اَلحُرية الشَّخْصيَّة ” وَلَكنهَا فِي الواقع حُريَّة الانْسلاخ مِن قِيم الفطْرة وتعاليم الأدْيان السَّمْحة ، والاجْتراء على حُدُود اَللَّه ومحارمه ، حَيْث يُقَال ” أَنْت حُرٌّ إِنَّ لَم تَضُر ” ومع الأسف الأضْرار النَّاتجة عن تَجرِبة المساكنة بَالِغة لِلْغاية ، وتحاول النِّيل مِن ثَوابِت دِيننَا اَلحنِيف ، وَقيَم مُجْتمعاتنَا العربيَّة والْإسْلاميَّة.

 

 

المُسَاكنة والزِّنَا وَجْهَان لِكَبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

مقالات ذات صلة