على خَشبةِ المسرح
على خَشبةِ المسرح
الشاعر ناصر الدسوقي
جُملةٌ كُنا نسمعها كثيرًا في أوقات مضت ، وفي أكثر الأوقات كنا نتصبَّبُ عَرَقًا حينَ نسمعها ضِمنَ إعلانٍ عن مسرحيةٍ جديدةٍ على التلفاز أو حتى تذكيرًا لمسرحية لا زالت تُعرَض .
هذا لعِلمنا ومعرفتِنا بما تعنيه الجُملة ،
فعلَى خشبةِ المسرح تَعني موضوعًا تدور حوله أحداث المسرحيةِ مُجتمعيًّا أو اقتصاديًّا أو حتى سياسيًّا ،
تَعني أننا نرى مُمثلين بيننا وبينهم أمتارًا قليلةً يُؤدون أدوارهم في مشهدٍ حيٍّ أمام أعيُنِنا لا كالسينما سبَقَ تصويرها مراتٍ عِدَّةٍ بكاميراتٍ وزوايا تصويرٍ مُختلفةٍ ليخرج لنا العملَ مُسلسلًا كان أو فيلماً على ما نشاهدُه .
صعبةٌ هيَ مواجهةُ الكاميرا ،
لكن الأصعب هو مواجهة الجمهور مباشرةً لا يفصٌل عن العرضِ سِوى سِتارًا مِن قُماش ،
وقد كانت الأعمالُ المسرحية بدأت في التلاشي بعض الشيء نظرًا لأن صناعة السينما والأعمالَ الدراميةِ طَغت كثيرًا على المسرحِ إِلَّا ما رَحِمَ ربي .
الأعمال السينمائية تشاهدها بضغطَةِ زِرٍّ على التلفاز ،
أمَّا المسرح فأنت الذي تذهبُ إليه لترى الوجوه حيًّة وترى الديكور حيًّا وكذلك الإضاءة ،
ولأهمية المسرحِ ودَورِه في تقديم الفن الراقي كأول أنواع العروض الفنية التي عرفتها البشرية ،
حَملَت على عاتِقها ضِمنَ أساسيات خطتها الثقافيةِ أن تكون العروض المسرحية رُكنًا هامًّا من أركانِ برامجها
على مُستوى الجمهورية بكافةِ قُصورِ ثقافتها ،
وحينما ترى عملًا يُخرَجُ للنورِ ويتِمُّ عرضُه على أحد المسارح التابعة لقصور الثقافة بمستوًى جيدٍ وإمكانات وتجهيزاتٍ ليست بالكبيرةِ لكنها عادية ،
فلُعبَةُ الخروجِ هنا أمرٌ ليس بالسَّهل ، لأن الإستمرارَ أيضا تدميرٌ كاملٌ ومَحْوٌ لهُوِيةٍ وعاداتٍ وتقاليدَ وتُراث ،
صراعٌ بين الإنسانِ وشيطانِه للخروجِ مِن عباءةِ الماضي والتخلي عن عاداتنا وتقاليدنا الجميلةِ وإرثُنا الذي ورِثناهّ قِيَمًا ومُثُلًا ومبادئَ وأعرافًا كفيلينِ بأن يحُلُّوا أعتَى مُشكلةٍ كانت ، أو بالأحرى كفيلينَ لعدم وجود مشاكلَ مِن الأساس .
ينساقُ الإنسانُ وخصوصًا الشباب وراء ما يُسمونه بالحداثةِ ،
فخُطوةٌ تِلوَ الأخرى يجِدُ نفسهُ قد تَخلَّى طواعيًة عن موروثهِ الثقافيِّ وأصبح في لُجِّ الحداثةِ بلا عاداتٍ بلا قِيَمٍ بلا تـقاليدَ بلا موروثٍ اجتماعيِّ ولا ثقافِيِّ ولا حتى دِيني ، وحينما يُدرِك هذا يحاولُ الخروج مِن هذه الحَلقةِ المُفرَغَةِ فلا يستطيعُ وكأنَّ الخروجَ أصبحَ لُعبَةً .
كلُّ هذا على خَشبةِ المسرح في العرضِ العبقريِّ الذي يقدمه قصر ثقافة الأقصر بمِصرَنا الحبيبةِ في العرضِ المسرحي .
( لُعـبَـةّ الحًُــروج )
عملٌ مسرحيُّ جديرٌ بالمشاهدةِ تجسِّدُه فرقة قصر ثقافة الأقصر ..
تأليفًا وإخراجًا للكاتب والمخرج الشاب / كريم الشَّاوْرِي .
فها هي لُعبةُ الخُروجِ
على خَشبةِ المسرح ..
ناصر الدسوقي
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.