كلمة تسر السامعين وتؤلف القلوب
كلمة تسر السامعين وتؤلف القلوب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
كلمة تسر السامعين وتؤلف القلوب
اليوم : الثلاثاء الموافق 13 أغسطس 2024
الحمد لله الذي اكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة وجعل امتنا وله الحمد خير أمه وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا وعلمنا الكتاب والحكمة وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبدة ورسوله أرسله للعالمين رحمة وخصه بجوامع الكلم فربما جمع أشتات الحكم والعلم في كلمة أو شطر كلمة صلى الله علية وعلى أله وأصحابه صلاه تكون لنا نورا من كل ظلمة وسلم تسليما، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل واتقوا يوما الوقوف فيه طويل والحساب فيه ثقيل ثم أما بعد لقد أكد الإسلام على خطورة الكلمة، لما لها من أثر عظيم في الخير أو الشر فبكلمة تدخل دين الله، وبكلمة تخرج من دين الله، ولقد كانت الكلمات من سورة طه سببا في إسلام الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وكانت كلمات مصعب بن عمير العذبة سببا في دخول نصف أهل المدينة المنورة في دين الله الحق، وفي الجهة المقابلة بالكلمة خرج أقوام من الاسلام، وضلوا عن سواء السبيل، وإن المرد بالكلمة الطيبة هي التي تسر السامع وتؤلف القلب، وهي التي تحدث أثرا طيبا في نفوس الآخرين، وهي التي تثمر عملا صالحا في كل وقت بإذن الله تعالي، وهي التي تفتح أبواب الخير، وتغلق أبواب الشر، ومن خصائصها أنها جميلة رقيقة لا تؤذي المشاعر ولا تخدش النفوس، فهي جميلة في اللفظ والمعنى، ويشتاق إليها السامع ويطرب لها القلب، وإن نتائجها مفيدة وغايتها بناءة، ومنفعتها واضحة، حيث قال الله تعالى.
” ألم تري كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون” وقال الله تعالى “وقولوا للناس حسنا” وكما قال سبحانه “وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن” وقال سبحانه “إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة” وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه بها درجات” وقال “والكلمة الطيبة صدقة” وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت” فإن الكلمة قضية شأنها عظيم وخطرها جسيم، بها يدخل المرء في دين الله فيحرم ماله وعرضه بالنطق بالشهادتين.
وبمثلها يباح دمه، فما انتشر الإسلام وما عرفناه إلا بكلمة اقرأ، وما انتشرت دعوة الحق ووحي السماء إلا بكلمات القرآن المجيد، من آيات الخير والهدى، وما أقيمت دولة الإسلام الأولى في المدينة المنورة إلا بكلمة التوحيد التي آخى بها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار، وبالكلمة عقدت الأحلاف بين المسلمين وغيرهم وبالكلمة دعا الرسول صلى الله عليه وسلم الملوك وزعماء القبائل والاكاسرة والقياصرة إلى الإسلام، وبالكلمة بعث السرايا واستقبل الوفود وأتم تبليغ هذا الدين ورسخ الإيمان بكلمة التوحيد ونبذ الكفر وما جره من القول على الله بغير علم، ولا يكون الزواج والطلاق والبيع والتجارة بين الناس إلا بكلمة،
وفي المقابل ما غزانا العدو ابتداء إلا بكلمة وما روج للفساد الفكري والأدبي والثقافي إلا بكلمة، وما تنافر الخلق وانتشر الحسد والبغض إلا بكلمة، وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “في الجنة غرفة يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها” فقال أبو مالك الأشعري لمن هي يا رسول الله ؟ قال ” لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات والناس نيام”.
كلمة تسر السامعين وتؤلف القلوب
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.