روعة التجربة ونضج مرجعيتها في أعمال وثقافة فهد خليف
روعة التجربة ونضج مرجعيتها في أعمال وثقافة فهد خليف
إعداد الفنانة / سلوى حجر
روعة التجربة ونضج مرجعيتها في أعمال وثقافة فهد خليف
تنحاز تجارب وممارسات الفنان نحو مرجعيته الثقافية وتنشئته المكانية مستندا على ذلك الحضور الذهني والبصري الذي يمكنه من رؤية العالم المحيط به من عدة زوايا لاستحضار ذلك الجمال الظاهر النابض وذلك الجمال الخفي المستتر خلف تلك الحكايات والروايات والأساطير المتداولة سواء كانت نصاً أو سرداً أو شعراً داخل ذلك المجتمع المتصل به من خلال اللغة والتي هي في حقيقتها ليست ملكاً لأهل النحو والصرف ولكنها خطاب تداولي باذخ تمكننا من بناء النصوص والمفردات والجُمل للتعبير والإخبار بالصوت والنص والشكل وكون الفن هو إحدى تلك اللغات الباذحة التي تخاطب العالم أجمع بمفردات ورموز وصور يفهمها الجميع فإننا نعمد إلى تجنيس ذلك الفن بما يتوافق مع هويتنا وأصالتنا ، لذلك يعمد الفنان إلى الجدة والأصالة التي تكمن في التنويعات وفي إيجاد أشكال جديدة لذات الأشياء التي نعيد اكتشافها في فنوننا عبر تاريخ البشرية وطبغرافيتها .. وكوني أحد الفنانين التشكيليين الفاعلين والممارسين للفن البصري فإنني
أستشعر مفهوم المكان واستحضر ذلك الفضاء الواسع للأماكن أثناء انشائي البصري فمنذ الطفولة أخذ يجذبني كل ماله علاقة بالشكل واللون كل ماله علاقة بالضوء والظل كل ماله علاقة بالغائر والبارز فأخذت أتلمس كل تلك الأشكال والرموز والعناصر والمفردات الموجودة على تلك المسطحات الحجرية والمكملات الخشبية كأساس إنشائي وتكميلي جمالي في العمارة الشعبية التي كنت ولازلت جسداً وروحاً منتمياً إليها أتلمس وأنهل من كل تلك الجماليات شكلاً ومضموناً وأتساءل عن سر جاذبيتها وسيادة كل مفردة على المشهد كقيمة جمالية متفردة تصتبغ وتتجمل في كامل حلتها باللون الصريح النابض بالحياة والحيوية في بهاء متفرد وقد ينتزع منها بهاء اللون وسطوته كعودة لأصل المادة وقيمتها .. لذلك أعمد إلى استحضار الضوء كقيمة جمالية عالية من خلال الاسقاط الضوئي في صيرورة زمانية متغيرة ببناء الغائر والبارز في تكوينات تبادلية متجددة تصنع الشكل والملمس .
تكوّن لدي ذلك الاحساس الجمالي من خلال تشبع عيني بكم هائل من المفردات والمشاهدات البصرية وامتلكت مخزوناً بصريا ً متعدد المشهدية بين المنتج الانساني والطبيعة الساحرة المتعددة التضاريس بين السهل والجبل بين الشمس والمطر بين الغيوم والشجر بين الحجر والخشب بين الموروث الشعبي والانفتاح الحضاري على الآخر بين الحكايات والأساطير والأهاجيز والرقصات .. إنها طبغرافية المكان ذات الموروث الشعبي والبنائي والجغرافي المتفرد ممتزجاً بتنقلاني الدراسية والوظيفية بين قمم جبال الباحة وروحانية مكة المكرمة وسواحل جدة وحراكها التجاري وتلاقح الحضارات والمشاهد والثقافات والرؤى والافكار فاتخذت العقل طريقاً لاكتشاف اسرار الحياة ومفاتنها متكئاً على الفكر للبحث عن نظام هذه الحياة لاطلق العنان للشعور ليترجم ألوان الحياة وصوت الكون وكأنني أقف متأملاً وممارساً على ضفاف الوجود أنهل من جملاياته ومفاتنه وأتمرد على كل ماهو مألوف تمرد على القبح بالجمال تمرد على الفوضى بالسكون تمرد على الطبيعة إلى ما خلف الطبيعة ..أتعمد في ممارساتي البصرية كحال أغلب المبدعون الذين يقفون على الحركة وليس على السكون في انشاءهم البصري وهذا يضعني في تحدي كبير ويجعل منتجي البصري نابض بالحياة والتجديد متصلاً بأصالة المكان والزمان .
الفنان التشكيلي : فهد خليف
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.