مقالات ووجهات نظر

العفو عند المقدرة صفة جليلة كريمة 

العفو عند المقدرة صفة جليلة كريمة 

العفو عند المقدرة صفة جليلة كريمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

العفو عند المقدرة صفة جليلة كريمة

اليوم : السبت الموافق 31 أغسطس 2024

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، إن العفو عند المقدرة صفة جليلة كريمة، تدل على نقاء القلب، وصفاء النفس، وكرم الطباع، ولا يزيد بها صاحبها إلا عزة ومكانة في الدنيا والآخرة، أذا خلصت النية، وصفت السريرة، وإن عمر الإنسان مهما طال فهو في نهاية الأمر يعد قصيرا، بل وقصيرا جدا مقابل عمر الزمن الطويل، وكل منا له عمر محدد، ونهاية محتومة لامحالة ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، كما أنه لن يبقى أحد من الخلق إنسهم وجنهم إلا وسيغادر الدنيا “وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون” تلك حقائق ثابتة ونواميس مستقرة.

وسنن لايمكن أن تحول أو تزول، ولكن السؤال هنا كم مرّ على هذه الأرض من أناس وكم توالت عليها من أمم وجماعات ولكن من الذي بقي ذكره من هذه الأرتال الهائلة والأعداد الغفيرة من الخلق؟ فإنهم قلائل وأفراد معدودون، أجل هؤلاء هم الذين ذكروا وحفظت سيرتهم ، لما كان لهم من التأثير في مجتمعاتهم وهذا التأثير قد يكون سلبا أو إيجابا بطبيعة الحال لكن الذكر الحسن والثناء الجميل حتما لايكون إلا لأهل السير الحميدة والتأثير الإيجابي، ولكن كم انقضى من أعمارنا ؟ وماذا قدمنا لأمتنا وجيلنا ؟ فإن الإنغماس في الترف وطول الأمل والتسويف والشعور بالإحباط عند رؤية واقع الأمة وتكالب الأعداء عليها، كل تلك أسباب لما نراه من عزوف كثير من المسلمين عن القيام بالدور الفعال، المتعدي خيره ونفعه للناس.

يضاف إلى ذلك ورع بارد وفهم خاطئ يتعذر به من تكاسلوا في أداء رسالتهم في الدعوة إلى الله وإبلاغ دينه كقول بعضهم أنا دون أن أصل إلى مرتبة الدعاة إلى الله وعندي من التقصير والذنوب مايخجلني ويقعدني عن المشاركة في هذا الباب، وتلك هي الداهية الدهياء والجهالة العمياء، ومن منا يسلم من الذنب والتقصير ؟ ولو كل منا اتكأ على هذه الحجة لكنا قعيدي بيوتنا وأحلاس دورنا، ولو لم يكن في الناس من هو مذنب فمن يعظ العاصين بعد محمد ؟ وذكر القرطبي في تفسيره عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال لمطرف بن عبدالله عظ أصحابك، فقال إني أخاف أن أقول مالا أفعل، فقال الحسن ” يرحمك الله وأينا يفعل مايقول ؟ يود الشيطان أنه قد ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه أحد عن منكر ” وقال سعيد بن جبير رحمه الله.

” لو كان المرء لايأمر بالمعروف ولاينهى عن المنكر حتى لايكون فيه شئ ماأمر أحد بمعروف ولانهى أحد عن منكر ” قال الإمام مالك تعليقا على قول سعيد ” صدق من ذا الذي ليس فيه شئ ؟” إن الواجب على من يشعر من نفسه بالتقصير وكلنا كذلك أن يضاعف الجهد ويبذل المزيد من الخير والدعوة ونفع الناس فلعل تلك الصالحات تغلب السيئات فيكتب عند الله من الفائزين فقال تعالي “إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين” وأعظم الحسنات التي تثقل بها موازين العبد إذا لقي ربه غدا هو الحسنات المتعدي نفعها والمستمر أجرها، وذلك بدلالة الغير على الخير وعدم قصر ذلك على المرء وحده، نسأل الله العظيم أن يجعل أبناءنا من أهل القرآن، وأن يحبب إليهم حلق القرآن، وأن يحفظهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

 

العفو عند المقدرة صفة جليلة كريمة


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة