الموالد والخروج عن الشرائع
الموالد والخروج عن الشرائع
الحمد لله الذي نزّل على عبده الفرقان ليكون للعالمين نذيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إنه كان بعباده خبيرا بصيرا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فاللهم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد يحتفل جمع من الأمة الإسلامية بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وفي الحقيقة إن الإحتفال بمثل هذا اليوم وإتخاذه عيدا بدعة منكرة قبيحة ولم يدل على جوازها كتاب ولا سنة ولا إجماع سلف الأمة، بل الأمة الإسلامية في عهد القرون الثلاثة الأولى التي فضلها محمد صلى الله عليه وسلم على غيرها مجمعة أنها لا تعرف احتفالا ولا عيدا إلا الأضحى والفطر، أما سواهما من الأعياد والذكريات فهو لغو غير معدود ولا معروف عندهم.
بل لا تشرئب إليها أنفسهم، ولا ترتفع إليها أعناقهم، ذلك أنهم كانوا شديدي الإنكار على كل من خالف الإسلام بكفر أو بدعة أو معصية، ولقوة إعتصامهم بالكتاب والسنة خلت بيوتاتهم من البدع المنكرة، والأمور المحدثة، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته وهو المبلغ للدين، ولم يأمر بذلك، وأن الخلفاء الراشدين لم يفعلوا هذا الإحتفال مع أنهم أحب للرسول صلى الله عليه وسلم منا، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا بالتمسك بسنته، وأن لا نعبد الله إلا بما شرع، وذكرى المولد لو كان فيها خير لذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منها خبرا، ومن تعبد الله بما لم يشرعه لعباده وعلى لسان رسوله، فقد إتهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالقصور أو بالتقصير في تبليغ دعوة الله، وقال الإمام مالك بن أنس “لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها”
فما دام أن السلف لم يفعلوا مثل هذه البدعة المحدثة فحري بنا ألا نفعلها، وكما أن يوم المولد وليلته لو كان لها مزية لاختصت بفضل معين، ثم إن محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتذكر سيرته لا تكون في يوم واحد بل في كل الأيام نقرأ سيرته ونتبع ما شرعه لنا صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم من شر ما يعلمه لهم” وإن بعض الموالد فيها إختلاط الرجال بالنساء، وفيها الغلو بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى أن بعضهم قد يجعله في مقام الربوبية، وبعضهم يظن أن محمدا صلى الله عليه وسلم يحضر المولد فيقومون له محييين ومرحبين.
ويكون كذلك من المنكرات مشاركة المعازف من الطبل وآلات الموسيقى، وكذلك بعضهم يستغيث بمحمد صلى الله عليه وسلم ويطلبوا منه المدد والغوث وأنه يعلم الغيب، وكل هذه الأمور منكرة محرمة وبعضها فيها شرك بالله عياذا به سبحانه، فكيف إذا إجتمعت كلها، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا في الحديث الصحيح فقال “إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار” رواه النسائي، ولفظه كل، هنا للعموم فيكون معناها أن أية بدعة محدثة في الدين فهي بدعة، من فعل هذه البدعة فقد تشبه بأعداء الله فإن النصارى يحتفلون بعيد ميلاد المسيح عيسى بن مريم، وقد سرت بدعتهم هذه للمسلمين فأصبحوا يحتفلون بذكرى مولده صلى الله عليه وسلم، والرسول حذرنا من التشبه بأعداء الله فقال “من تشبه بقوم فهو منهم” والحديث رواه أحمد.
ومن إحتفل بذكرى المولد فقد اتهم ديننا بالنقص، ولو كان قصد هذا المبتدع حسنا فإن بدعته طعن في دين الله عز وجل وتكذيب لقوله تعالى “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا” وإن الكفار أعداء الله يفرحون بإقامة هذه البدع لأنهم قرءوا كتبنا الإسلامية وعلموا أنه متى أحدث في الدين بدعة ماتت سنة من سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم “وأوضح أنموذج لذلك ما ذكره الجبرتي من أن نابليون أمر الشيخ البكري بإقامة الإحتفال بالمولد وأعطاه ثلاثمائة ريال فرنسي، وأمره بتعليق الزينات، بل وحضر الحفل بنفسه من أوله إلى آخره” ويعلل الجبرتي إهتمام الفرنسيين بالإحتفال بالموالد عموما بما “رآه الفرنسيون في هذه الموالد من الخروج عن الشرائع، وإجتماع النساء، وإتباع الشهوات، والرقص، وفعل المحرمات”
الموالد والخروج عن الشرائع
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.