مقالات ووجهات نظر

التيه بين الواقع والخيال : د. إسراء محمد عبد الوهاب  

بقلم / إسراء محمد

قصة قصيرة بعنوان: التيه بين الواقع والخيال

بقلم: د.إسراء محمد 

مقهى ذو جدران زجاجية وإضاءة خافتة ،
ترتشف هي فنجان قهوتها المفضل ، تجلس على مقعد أمامها منضدة خشبية يكسوها مفرش من اللون الأزرق مخطط بلون أبيض .

إسراء محمد للمساء العربي ، التيه بين الواقع والخيال
إسراء محمد للمساء العربي ، التيه بين الواقع والخيال

يعلوها باقة صغيرة تحوي وردة صناعية من التوليب الأبيض وشمعة فواحة في الركن الهادئ ،
والمنضدة المفضلة لهما جانب جدار زجاجي يطل على الطريق والمارة ،وهي بغاية السعادة ، حيث أمامها حبيبها الذي أخبرها للتو بقدوم أهله في آخر هذا الأسبوع بعد إنهاء تلك المأمورية ،وبيديه كوبًا من الشاي الذي وضعه على المنضدة وأمسك بيدها .

لا أصدق ، أخيرًا سوف نجتمع سويًا تحت سقف منزل أحلامنا الذي رسمناه مع بعضنا البعض ،
تلك الخطوة متأخرةيا حبيبتي د ، بينما كما تعلمين كم بذلنا من الجهد لإقناع أهلك وأسرتي .

لا يهم كل ذلك ،فقد سِرنا في الطريق معًا رغم العراقيل والحفر المليئة به ، بينما وجودك بجانبي جعلني أرى بقعة النور البعيدة في ذلك الطريق .

عانيتِ كثيرَا لأجلي ، لن أنسى دعمك لي رغم كل الصعوبات ،
توقفَتْ فجأة عن استكمال شرب القهوة وتلبس الحزن ملامح وجهها بطريقة فجائية، قدِم إليها النادل:
-سيدتي، هل هناك خطب ما؟. تأتي في ذلك اليوم كل عام وتطلبين فنجانا من القهوة وفنجانا من الشاي ، وألاحظ أنكِ تتحدثين مع أحدهم ، هل تحتاجين إلى مساعدة ؟.

تتذكر عندما كنت أصغر في السن وهو برفقتي ؟!.

نعم سيدتي ، أنا أعمل هنا منذ زمن ،
الآن هو موجود أمامي، بل حولي في كل مكان ، لم يرحل عني كل تلك الأعوام ،
اسمحِ لي أن اسأل ، ماذا حدث؟
لا أعلم ، سوى أنه ذهب لعمله مع صديقه بعدما تركته وفي نفس الليلة أرى الأخبار تعلن عن استشهاده بينما هو لم يمت .

دمعت عيون النادل لحال المرأة الأربعينية التي تبدو أكبر سنًا من ذلك

بينما هو توفى ، ليس له وجود
لا تقل ذلك ، انظر إلى المقعد أمامي ، أنه هنا ، لكن من الواضح لا أحد غيري يراه ، لا أعرف لماذا  ؟.*

عذرًا سيدتي؛ فالمدير يطلبني ، أنا هنا في خدمتك ولا مانع من أن تطلبي مساعدتي .
شكرًا لك .
رحل النادل وقلبه يعتصر من الحزن عليها.
حبيبي : لماذا لا أحد يشعر بي ويصدق ما أقول؟! أني أراك الآن وبكل وقت، وسوف أظل انتظر قدومك لخطبتي .
لماذا لا تجيبني؟!.

ثم نظرت بحزن ووجدت المقعد فارغا وتارة تضحك وسط شلال دموعها دون صوت .
تذهب لدورة المياه حتى تقوم بغسل وجهها وتخرج منه والابتسامة ترتسم على ثغرها ، طلبت النادل :
من فضلك ، الحساب ؛ فرفيقي سوف يخرج من الحمام الآن للدفع .
يرد بحزن :

أمرك سيدتي .
تركت المال على المنضدة، وأخبرت حبيبها المفقود ،سوف أذهب الآن حتى يأتي صديقك أمام المقهى للذهاب لعملك .
نهضت ورحلت وبعينها دموع؛ فهي في مرحلة تيه بين الحقيقة والخيال .

 

 

إسراء محمد للمساء العربي ، التيه بين الواقع والخيال

 


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading