مقالات ووجهات نظر

“تحديات تيك توك: إهدار للموارد وإسراف في زمن الجوع”

بقلم/ كريم عبدالعزيز نجم

“تحديات تيك توك: إهدار للموارد وإسراف في زمن الجوع”

 

“تحديات تيك توك: إهدار للموارد وإسراف في زمن الجوع”

 

بقلم كريم عبد العزيز نجم المحامي بالنقض

 

منصة تيك توك: من وسيلة للتسلية إلى مضمار للإسراف

أصبحت منصة تيك توك واحدة من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي تأثيرًا وانتشارًا بين الشباب في السنوات الأخيرة،

إذ تقدم محتوى متنوعًا يتراوح بين الفيديوهات الترفيهية والتعليمية والمقاطع الكوميدية.

لكن، للأسف، يبدو أن المنصة أصبحت أيضًا ساحةً للتباهي بممارسات غير مسؤولة، أبرزها التحديات التي تتضمن أحكامًا للخاسرين تشمل تناول الأطعمة الغريبة أو القيام بأفعال محرجة علنًا.

تحديات تيك توك ليست مجرد مسابقات ترفيهية بسيطة،

بل أصبحت تمثل إهدارًا للموارد الغذائية والمالية بشكل لا يتماشى مع التحديات العالمية التي يواجهها الكثيرون في أماكن مثل الصومال وفلسطين. هذه التحديات، التي تعتمد على الإسراف في الطعام أو تصرفات تؤدي للإحراج العام،

تساهم في تعميق فجوة الوعي بين من يعيشون في وفرة ويستخدمون الطعام كوسيلة للترفيه، وبين أولئك الذين يعانون من ندرة الموارد الغذائية ويكافحون من أجل توفير لقمة العيش.

في دول مثل الصومال، يعاني الملايين من الجوع وسوء التغذية نتيجة الجفاف المستمر، الفقر والنزاعات المسلحة. في الوقت نفسه، في فلسطين،

تُعاني الأسر تحت الاحتلال من نقص في الموارد الغذائية الأساسية نتيجة القيود المفروضة. ليس فقط الصومال وفلسطين، بل دول أخرى مثل اليمن، السودان، وأفغانستان تُعاني من أزمات غذائية حادة،

بينما تُهدر الأطعمة على تيك توك في تحديات عديمة الفائدة، مثل تناول الفلفل الحار أو مزج مكونات غير متناسقة وتناولها أمام الكاميرا.

التأثير النفسي والمسؤولية الاجتماعية: ثقافة الإحراج والاستعراض

إلى جانب إهدار الموارد، تعتمد العديد من تحديات تيك توك على إحراج الخاسرين وجعلهم ينفذون أفعالًا مهينة أو مُذلة أمام الكاميرا.

هذه التحديات قد تبدو مرحة في ظاهرها، لكنها تحمل آثارًا نفسية سلبية على المتسابقين والمشاهدين على حد سواء. الضغط لتنفيذ مثل هذه التحديات أمام جمهور كبير يمكن أن يؤدي إلى تدني احترام الذات ويخلق شعورًا بالإهانة لدى المشاركين،

حتى وإن كانت نيتهم هي الترفيه فقط. وفي الوقت نفسه، يشاهد الشباب هذه التحديات، مما يجعلهم يعتقدون أن الإهانة أو الإساءة للنفس هي وسيلة للحصول على الشهرة أو القبول الاجتماعي.

بالإضافة إلى ذلك، تشجع هذه التحديات على سلوكيات غير مسؤولة قد تكون ضارة على المدى الطويل.

فقد يتبنى الشباب، الذين هم في مراحل تكوين شخصياتهم، هذه السلوكيات بوصفها أمرًا عاديًا أو مرغوبًا فيه.

مثل هذه التصرفات تساهم في تربية جيل لا يُقدر قيمة الطعام أو الموارد، بل يرى في الإسراف والاستهلاك غير المبرر أمرًا طبيعيًا ومقبولًا.

إهدار للموارد في زمن الجوع

العالم اليوم يعاني من العديد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في الدول التي تعاني من نقص في الموارد الغذائية.

الملايين من البشر يعيشون في ظروف صعبة ويكافحون لتأمين وجباتهم اليومية، في حين يُستخدم الطعام كأداة للعقاب أو الترفيه في مقاطع تيك توك.

يتزايد عدد من ينامون جياعًا في دول مثل الصومال وفلسطين، بينما يزداد عدد التحديات التي تهدر الطعام وتستنزف الموارد في مجتمعات أخرى.

هذه التحديات تمثل قدوة سيئة وغير مسؤولة للجيل الجديد، إذ تشجع على ثقافة الاستهلاك غير المسؤول وتغفل تمامًا عن الواقع الذي يعيشه الملايين في مختلف أنحاء العالم.

إن استخدام الطعام كوسيلة للترفيه أو العقاب في وقت يُعتبر فيه الطعام نادرًا في العديد من الدول هو إهدار للموارد وانعدام للوعي الإنساني.

نحن الان فى امس الحاجة إلى وعي مجتمعي ومسؤولية جماعية

من الضروري أن نعيد النظر في كيفية استخدامنا لمنصات التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك، وأن نعمل على توجيه المحتوى نحو ما يفيد المجتمع ويراعي التحديات العالمية التي نواجهها. من هنا،

يجب أن يتم تعزيز ثقافة الاستدامة والاحترام للموارد الطبيعية، مع الابتعاد عن التحديات التي تُروج للإسراف والاستهتار بقيم الإنسانية.

على المنصات الاجتماعية و التى لا نستطيع اليوم التخلى عنها أن تتحمل جزءًا من المسؤولية في نشر الوعي،

وذلك من خلال الترويج للمحتويات التي تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على الموارد، وتوعية الشباب بأهمية المساهمة الإيجابية في المجتمع. علاوة على ذلك،

يمكن للمؤثرين على تيك توك أن يكونوا جزءًا من الحل بدلاً من المشكلة، من خلال تبني تحديات بناءة تخدم قضايا إنسانية بدلاً من المساهمة في إهدار الموارد.

واخيرا في عصر يعاني فيه الكثيرون من الجوع والفقر، تتحول منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك إلى أدوات لإهدار

الطعام والاستهزاء بموارد تعتبر أساسية لحياة الملايين فى حين ان المواطن بين فكى التحديات الاقتصادية المحليه و العالمية. إن تحديات الأكل والإحراج على تيك توك ليست فقط إهدارًا للموارد،

بل تمثل أيضًا قدوة سيئة للجيل الجديد وتشجع على ثقافة غير صحية. حان الوقت لإعادة التفكير في كيفية استخدامنا لهذه المنصات وتوجيهها نحو تحقيق أثر إيجابي يعود بالفائدة على الجميع.

 

“تحديات تيك توك: إهدار للموارد وإسراف في زمن الجوع”


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة