الخطأ القاتل فى العلاقات
بقلم / أحمد عبد اللطيف
فى البداية أريد ان اقول أن كلمة الحب ومعناها ليست نوعاً من الميوعة ولا الإنحلال فقد إستخدمها الرب القادر ليدلل بها على عطاء غالى وعزيز للنبي موسي حين قال فى سورة طه
(أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) الايه “35” صدق الله العظيم .
إن اقصى أنواع العطاء فى هذه الدنيا هى الحب .وهى عاطفة مقدسة إذا كانت فى إطارها الصحيح وهى نبيلة ومجردة إذا تفهمها الطرفان وخلت من الكذب والتدنيس .
غير أن هذه العلاقة شأن كل العلاقات الإنسانية تقوى وتضعف وتشتد وتنهار فى مراحل مختلفة من القمة إلى الإنهيار .يصاحب هذة العلاقة الكثير من الامراض والعلل التى قد تؤدى إلى الضعف وأحياناً القتل .
من أسوأ هذة الامراض وأكثرها فتكاً هى لعنة القرب الزائد التى تنهار فيها المسافات وتصل إلى حد إبصار العيوب الدفينة ونقاط الضعف الكامنة هنا فقط يبدا الإنهيار .
على الرغم من أن الاقتراب يولد الألفة الا أن الاقتراب عند درجة معينة يكشف خبايا النفوس .
وقد خلق الله للانسان نفسا متقلبه الى حد العورة والى حد الجنون ايضا قال الله فى هذا الموضع (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) ) سورة الشمس .
وغلف تلك السمات النفسية المتغيرة من شخص لأخر بنعمة المسافات التى لا تكشف عوراتها . فحين نحب نسعى للتجرد ظناً منا أننا نقترب ونزيل المسافات هنا فقط يكون مقتل علاقة الحب .
المعادلة تكمن فى إتقان فن المسافات كيف تعطى مساحة لمن تحب دون أن تنكشف أمامه , دون أن تزيل الحجب الساترة لعورات النفس البشرية دون الاخلال بالصدق والنقاء ومتطلبات العلاقة الطاهرة .
أقول لك إن للحب أنواع مختلفة ليس كلها يستلزم نفس المسافة فى العلاقة .
علاقة الحب للصديق تحتاج الى مسافة الثقة ليس أكثر دون كشف العورات،
بينما علاقة الأزواج تحتاج الى مسافة أبعد من الثقة تحتاج الى التجانس والتكامل وليس الاستباحة فما زال الزوجين شخصين مختلفين بنفسيتين و روحين مختلفين . فالأصل هو التكامل وليس التطابق .
هنا فقط تدوم العلاقة وتكبر فى مساحة من الأمان النوعى لا تخفى مايلزم معرفته غير أنها لاتكشف مايلزم كتمانه .
ذلك العامل هو مفتاح العلاقات الناجحة والذى يكمن فى إتقان فن المسافات . من المسموح للممنوع حافظ على من تحب بحفاظك على مسافتك الصحيحة طبقا لنوع العلاقة بينكم ومتطلباتها .
إن الخطا القاتل فى أى علاقة هى فى حساب هذة المسافات بشكل خاطى هنا فقط يكون النفور والبعد على عكس المتوقع، . إن الافراط فى الثقة فى أن الآخر سيقدر لك ما كشفت له ما تصارحت بيه هو أول خطوات الفشل فى العلاقة .
فى النهاية انه بشر قد يقدرها لحظيا ثم سيبتعد بعدها لسبب آخر غير ان السبب الحقيقي سيكون ما كشفت أنت بنفسك .
ملخص القول اذا اردت ان تعطى علاقة الحب عمراً أطول مع من تحب إحذر أن تمنحة تاشيرة السفر المفتوحة الى نفسك الخفية فقط افتح له مساحتك الامنة المدروسة جيداً ولا تحاول الاقتراب اكثر .
فان من الأفات أيضا الإلحاح فى ما تظنه قربا ويظنه التصاقا وإن قبله فى أول الامر ولكن مع التكرار يدخل ضمن انتهاك المساحات الامنة والتى معها تنهار العلاقة وينهار أعظم عطاء بشرى معه .
الحب كالطير خلق ليحلق عاليا دون قيود ملموسة قاذا احببت وهبت لمن تحب قفصا ذهبيا يطير حولك . به مساحات للحركة وابواب مفتوحة دائما وبداخله مساحة للأمان والثقة كما يفعل مربى الحمام . يفتح للحمام ويعود رغم أنه تحرر لأنه يضمن أن الخروج سهل والأبواب تتفتح كل صباح .
لاتقيد من تحب بدعوى الحفاظ عليه وأيضا لا تخنقه بالقرب الزائد ولا تكشف له أخر مساحاتك فلست مضرا لذلك فمن قبلك على طبيعتك فقد قبل ما سمحت به للعلن وارتضى ما اخفيت
فلا تتبرع بما لا تستطيع معه الإستمرار واحفظ لنفسك كرامتها وعزتها فهى تستحق كل التبجيل وأيضا تستحق ان يكون لها مساحتها الآمنة ودرعها الواقى .
فى النهاية أنت أهم فى هذه الحياه من أي شخص يؤذيك من أى تطفل يجرحك من اى صدمة فيمن أحببت عود نفسك على فن المسافات تعش كريما عزيزا مصانا محبوبا .
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.