القيمة التسويقية أزمة عالمية.. هل بسبب الأندية أم للاعبين أثر كبير ؟!
تحقيق/ آيه حجاج
تسللت مشكلة كبيرة في عالم كرة القدم وأصبحت أحد وأهم أعمدة الساحرة المستديرة، لم تكن فقط داخل الوسط الرياضي المصري والأندية المحلية والعربية فقط، بل وصلت إلى أزمة عالمية تضرب صفوف الأندية، وباتت تشكل القيمة التسويقية للأندية واللاعبين خطرًا كبيرًا على بعض الأندية الجماهيرية وسمعتها وتاريخها في عالم كرة القدم، في ظل تباينها البارز والتفاوت المستمر في مستوى الأسعار، وتعتمد القيمة التسويقية بالنسبة للاعبين على المهارات والعمر والخبرة وقابلية التسويق والنتائج داخل الملعب، لذلك حرصت جريدة وموقع “المساء العربي” للحديث مع البعض من أصحاب الآراء، لمعرفة الأسباب الواضحة وراء ذلك وطرح الحلول المناسبة لحلها.
– جمال الزهيري: الأندية سبب زيادة أسعار اللاعبين ويجب تدخل اتحاد الكرة
وبدأ حديثنا مع الناقد الرياضي جمال الزهيري، الذي أشار وقال: “أولا أسعار اللعيبة بالنسبة لسوق اللاعبين في مصر مغالى فيها وليست الأسعار الحقيقية المعبرة عن قيمة اللاعبين، خاصة بعد إنخفاض سعر الجنية المصري، وبالتأكيد متواجدة من قبل إرتفاع سعر الدولار هناك أرقام كبيرة، وغالبًا لم يكن ثمن يساوى قيمة اللاعب، قليل من يستحق مئات الملايين أو عشرات الملايين”.
وتابع: “سبب زيادة الأسعار هي المنافسة بين الأندية لشراء اللاعبين، حيث أنه أحيانًا يدخل نادي ما في صفقة لم يكن بحاجته إليها ولكن من أجل حرمان المنافس لشراءه، وثانيًا شراء الأندية المقتدرة ماديًا حتى وإن لم يكن في حاجه إليه، بجانب زيادة العوائد المالية التي يحصل عليها وكلاء اللاعبين”.
وأضاف: “وكلاء اللاعبين يرفعوا الأسعار وحسب معرفتي بذلك دائمًا الوكلاء ما يتحدثون على أن اللاعب في المغرب مثلاً سعره 100 ألف دولار، وفي مصر يصل إلى 2 مليون دولار، ذلك الفرق هو سبب المشكلة، في المغرب يضع سقف معين للمبلغ وإذا وصل إلى أعلى منه يفضل احترافه”.
وأكمل الزهيري: “إذا رغب اللاعب في مبالغ زيادة يحترف خارج البلد ليوفر للبلد العملة وتستفيد منه الدولة، وسمعت ذلك على لسان بعض الوكلاء المصريين، الأسعار في مصر حاليًا تنافس دول الخليج العربي، المفترض أنهم ليس لديهم مشكله في ذلك لأنهم دول المال، وأصبحت المنافسة بينهم في إرتفاع أسعار اللاعبين”.
وواصل: “سبب المشكلة عدم وجود سقف رواتب معين في شراء اللاعبين بالأندية، وتوجد مشكلة أخرى من الممكن تسجيل اللاعب بسعر ويكون سعره الحقيقي برقم آخر، ويجب وضع رقابة على تلك المسألة، بجانب التقليل من الإعتماد على اللعيبة المحترفين”.
واستكمل: “يجب الإعتماد على الناشئين والكشافين في الأندية، والاهتمام بهم للكشف عنهم وتصعيدهم والكشف عن المواهب المحلية والتقليل من الإعتماد على الخارج، يجب عدم تجاهل قطاع الناشئين حتى إذا أخذ وقت أكثر”.
وواصل: “من الممكن أن يكون عدد المحترفين (5) في الدوري المصري كثير، لأنه يعتبر نصف الفريق، ولابد من وضع تصور من اتحاد الكرة بشأن ذلك الوضع، حيث أن الإنفتاح في عدد المحترفين يؤثر على منتخب الدولة، ويحتاج ذلك الوضع دراسة جيدة من إتحاد الكرة القادم”.
وأكد على حلول تلك المشكلة، وقال: “أولا التطوير من قطاع الناشئين، ووضع سقف رواتب معين بإشراف من اتحاد الكرة، ووضع الاتحاد المصري خطة محددة لحكم عدد الأجانب في الدوري المصري، وإذا كان بالإمكان وضع سقف أو شروط معينة للتعاقد مع لاعب أجنبي مثل اللعب الدولي لمنتخب بلاده أكثر من مرة للاستفادة منها فنيًا”.
وأشار: “والأندية أيضًا لها دور عندما تتعاقد مع لاعبين، يجب أن تأتي بأفضل اللاعبين للفريق، وتطوير المحليين بإعطاء الفرص، فهناك مشكلة بمنتخب مصر في مركز المهاجم بالتحديد وبعض المراكز الأخرى، لذلك يجب تطوير المحلي لحاجة المنتخب الكبرى إليه”.
وأختتم: “والأهم من جانب اتحاد الكرة القائم لابد من وضع رؤية فنية للنهوض بمستوى الكرة عمومًا، ووضع أفكار فنية لذلك يجب وجود لجنة فنية جيدة لتعد العضو المنوط بعمل السياسة الخاصة بكرة القدم المصرية، بسبب المشكلة التي حدثت في الفترة الأخيرة في منتخب الشباب من ناحية الأعمار السنية بعد تزوير أعمار عدد من المشاركين، وتلك الأمور تحتاج دراسة واعتماد على الفنيين والمتخصصين”.
– علاء عزت: القيمة التسويقية قيمة إفتراضية وهذا سبب ارتفاعها وذلك الحل
أما الناقد الرياضي علاء عزت فقد كشف في حديثه معنا عن الأزمة، وقال: “القيمة التسويقية لا تعتبر ما يملكه النادي بل هي قيمة إفتراضية لعدد اللعيبة، من ناحية متوسط أسعار اللاعبين
مثلاً بالنادي الأهلي نفرض 220 مليون دولار وذلك متوسط سعر اللاعبين وهي تعتبر مبالغ افتراضية وليست حقيقية غير موجودة في خزينة النادي، ممكن أن تتفاوت القيمة بمكانة اللاعب إذا كان دولي أو محلي وعدد البطولات، كما أنها ليس لها علاقة بالنادي (غني أو فقير)، والقيمة التسويقية ليس لها علاقة بالاستثمارات”.
وأضاف: “الاستثمارات للأندية تكمن من خلال عدة مداخيل مثل البث الفضائي وعقود الرعاه وأيضًا الاستثمار الداخلي للنادي، وكل ذلك متوفر في عدد من الأندية على رأسها النادي الأهلي نتيجة أنه أكثر الأندية فوزًا بالبطولات والأكثر شعبية، وبالتالي يعد أكثر الأندية عقود للرعاه والقنوات بسبب زيادة نسبة مشاهداته ووضعه في الأنسب بالنسبة للمشاهد، لذلك يعد الأحمر بجانب الزمالك الأكثر في القيمة التسويقية بالنسبة للبث الفضائي في مصر خاصة مع احتكار البث على قناة واحدة عكس الدوريات الأوروبية”.
وأكمل:”وبالنسبة للشركات الراعية وهو الجزء الأهم حيث تعتبر منجم ذهب للأندية، لما تؤثر فيه من جانب الميزانية، خاصة عندما يحصل النادي على حق رعاية لشركة ما على قميصه يؤثر في قيمته التسويقية، وعلى الجانب الآخر نرى الإسماعيلي غير قادر على تلك المنافسة بشكل كبير بسبب الرعاية وإضافة إلى تغيير الإدارات، بجانب دور كبير من رجال الأعمال”.
وأردف: “رجال الأعمال تساعد في رفع الأندية مثل الاتحاد السكندري وسموحة والمصري وغيرهم لذلك تستفيد الأندية الشعبية من ذلك، وإذا كان هناك نادٍ شعبي بعيد عن رجل أعمال سينهار، والأندية الشعيبة في مصر يرتبط وجودها بأن يترأسها رجل أعمال لا يبخل على النادي بمبالغ، وتفشل لأنها لم يكن لديها استثمارات، فإذا رحل رجال الأعمال هبطت تلك الأندية، إضافة إلى أن هناك أندية تحصل على دعم من الدولة نظرًا لتاريخها وشعبيتها مثل الإسماعيلي ولكن ليس ذلك هو الحل”.
واستكمل علاء عزت: “ولكن الأندية العظمى في مصر لديها استثمارات كبيرة يقودها أصحاب فكر رياضي إستثماري، مثلا نادي الجزيرة والصيد، والمنظومة الإقتصادية الرياضية في مصر غير مستقرة، مقتصر الفكر في وجود رجل أعمال فقط، النادي الوحيد الذي يفكر خارج الصندوق هو الأهلي لكسب الأموال خارج إطار كرة القدم فقط، ولديه فروع كثيرة بجانب نجاح وادي دجلة أيضًا في ذلك الفكر”.
وواصل: “الإستثمار الرياضي غير موجود إلا في النادي الأهلي فقط على الطريقة العالمية، وأما باقي الأندية فهم في مصاف الهواه، وأيضًا الزمالك يحاول أن يستثمر بشكل صحيح كما كان من قبل، الأحمر طور نفسه بنفسه واقتحم الإستثمار الرياضي بشكل جيد نتيجة لتعاقده مع شركات رعاية كبيرة ويطلب بالإسم، وفي مصر ندعى كذبًا ندعي الدخول في الإستثمار الرياضي ولكن ليس لدينا ذلك، اتحاد الكرة في مصر ليس به تخطيط جيد”.
وتابع الناقد الرياضي: “القيمة التسويقية مرتبطة بأسعار اللاعبين في سوق الانتقالات، الدوري المصري حاليًا (خليج إفريقيا) حيث أن هناك لاعيبة إذا لم يحالفها الحظ في الدوريات الكبرى أو العربية يكون الأقرب إليه مصر، نظرًا لقيمة الأندية المصرية وقيمتها الكبرى، فبالتالي يفكر وكلاء اللاعبين في استقطابهم إليه، نتيجة لسمعة أندية مصر في البطولات الأفريقية مقارنة بأندية إفريقيا”.
وأضاف: “الأندية المصرية أغنى رياضيًا عن أندية إفريقيا، بصرف النظر عن صن داونز الذي يقوده موتسيبي أحد رجال الأعمال الكبار”.
وأشار عزت في نهاية حديثه إلى حل لتلك الأزمة: “على الأندية المصرية التفكير خارج الصندوق وعدم الإعتماد الكلي على الدولة، من ناحية استغلال الاستثمار الإقتصادي الرياضي والفكر الاستثماري المتميز في الرياضة، وعدم إنتظار دعم الدولة أو رجال الأعمال فقط، يجب التخلي عن الفكر الإقتصادي الرياضي العقيم الذي تسبب في انحدار الأندية الشعبية”.
– محمد سلامة: رجال الأعمال نقطة أساسية في زيادة الأسعار ويجب الإستثمار الخارجي
وتطرقت جريدة المساء العربي للحديث مع وكلاء اللاعبين، وبالتحديد محمد سلامة الذي أوضح: “رجال الأعمال نقطة مهمة وأساسية بعد دخولهم في بيزنس الكرة، وأثرت على الأسعار مثال أبو العينين قدرة مالية كبيرة مع سيراميكا كليوباترا، ونادي زد مع ساويرس، مما أدى إلى زيادة أسعار اللاعبين”.
وتابع: “في الأوقات الماضية إذا جاء لأي لاعب فرصة الإنضمام للأهلي يرغب في الإنتقال إليه، ولكن الآن إذا أنتقل لأي فريق آخر ليست بمشكلة بسبب وجود رواتب عالية مما أثر بشكل كبير علي المنظومة الرياضية، ونجد أن الأندية الشعيبة هي من تعاني من هذه الفوضي الرأسمالية، مثل الإسماعيلي والذي يعاني بشدة بسبب عدم القدرة المالية، كما عانت الأندية الشعبية من تزايد وجود أندية الشركات والتي أدت إلى إرتفاع الأسعار بشكل غير معقول”.
وأضاف: “مصر هي الدولة الوحيدة التي يوجد بها قيمة تسويقية عالية، والأرقام كبيرة في الأندية المصرية بسبب عدم التحكم فيها، والدوري المصري أعلى قيمة تسويقية في إفريقيا بسبب رغبة اللاعبين في وجودهم، ولكن لن نستطيع التحكم فيها”.
وأختتم سلامة: “الحل للأندية الشعبية الاستثمار في اللاعبين والإستثمار الخارجي والرعاه فقط لا غير، والإستثمار في قطاع الناشئين، ويجب البحث عن رعاه كبار للقدرة على المنافسة في الأسعار، أو إلغاء الإستثمار”.
– أحمد البحراوي: تفاوت القيمة التسويقية بسبب عدم وجود نظام مالي ورقابي والإستثمار في مصر بلا ضوابط
ومن جانبه أوضح أحمد البحراوي وكيل اللاعبين أيضًا وقال: “”زيادة القيمة التسويقية أو تفاوت القيمة بين قدرات الأندية وبين الذي يدفع المبالغ، بسبب عدم وجود نظام مالي ونظام رقابي على ميزانيات ومداخيل ومدفوعات الأندية، على عكس ما يدار في الدوريات الأوروبية من ضوابط اللعب المالي النظيف، لضمان عمليات البيع أو الشراء، إضافة إلى قدرة أغلب الأندية على المنافسة لشراء للاعبين”.
أكد في حديثه لطرح الحلول: “خلق نظام مالي يناسبنا و رقابة على أداء الأندية التعاقدي، مثال السعودية وقطر خصصوا هيئة مختصة بالانتقالات، وظيفتها النظر على العروض المقدمة من الأندية إلى اللاعبين، هل يتناسب مع ميزانية النادي وعدد مواسم التعاقد أم لا، لضمان إلتزام الأندية و عدم شكوى اللاعبين للفيفا”.
وأختتم البحراوي: “الإستثمار في مصر زاد من الأزمة لأنه إستثمار بلا ضوابط وبلا شروط وبلا هدف، وخلق حالة من الإرتباك والهرجلة و الظلم للأندية محدودة الدخل، لأنه يجب أن يكون الإستثمار الرياضي مفيد وناجح على أرض الواقع، ورجل الأعمال المسئول يكون عرضه وفكره متناسب، وهناك تجارب استثمارية فردية في مصر ومحاولات نجاح مثل وادي دجلة والجونة”.
– أكرم الشيخ: ضعف التخطيط سبب في زيادة القيمة التسويقية ويجب الإستثمار في الأندية
وقبل الختام تحدث الناقد الرياضي أكرم الشيخ، حيث أوضح: ” أن الصفقات الغالية هي السبب الرئيسي في التضخم الكبير بأسعار اللاعبين، وهذا يحدث نتيجة التنافس الشديد بين الأندية الكبيرة على المواهب”.
وتابع: “وهذه أمثلة كأندية ريال مدريد أو بايرن ميونخ أو مانشيستر سيتي في الخارج، أو الأهلي والزمالك وبيراميدز في مصر، لما يمتلكونه من إمكانيات مالية كبيرة بسبب حقوق البث والرعاية، لكن الأندية الأصغر ليست بنفس الموارد”.
وأكمل الشيخ: “قوانين اللعب المالي النظيف تفرض قيود على الإنفاق من أجل عدم تدخل الأندية في مشاكل مالية كبيرة، بجانب ضعف التخطيط التسويقي عند بعض الأندية، نتيجة لعدم الإستثمار بشكل كافي في الأكاديميات أو التطوير في دخلهم التجاري، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تؤثر خاصة الأندية التي تتعامل بالعملة المحلية، وتجد صعوبة في تنافس أندية تتعامل بالدولار أو اليورو”.
وأشار إلى حلول للمشكلة: “يجب إستثمار الأندية في الأكاديميات والبحث عن مواهب تستفيد من بيعها ودخل جيد، بجانب التطوير في التسويق والرعاه لكي تدخل المبالغ المالية من حقوق البث والإعلانات، إضافة إلى الشراكة مع مستثمرين من الممكن أن تحل جزء كبير من المشكلة مثلما يوجد في أوروبا”.
وأكد الناقد الرياضي: “يجب إدارة الأجور والسيطرة على المصاريف والتي ستحدث الفارق بشكل كبير، وتوفير العملة الصعبة سيساعد الفرق أيضاً، مثلًا بدلًا من أن يحصل اللاعبين الأجانب على مرتباتهم بالدولار، يحصلون عليها بالجنيه المصري لتوفير الدولارات للشراء، ولكن ليس للصرف مثل المرتبات”.
وأختتم: “يجب مراجعة توزيع إيرادات البث بين الأندية، ليساعد الأندية الصغيرة علي المنافسة بشكل أحسن، حيث أن الأندية تحتاج إلى توازن بين الإنفاق والإستثمار لكي تستطيع المحافظة على نفسها والنجاح في المنافسة مع الكبار “.
القيمة التسويقية أزمة عالمية.. هل بسبب الأندية أم للاعبين أثر كبير ؟!
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.