مقالات ووجهات نظر

أيها العزيز 

احمد الجرف

أيها العزيز 

بقلم/ أحمد عبد اللطيف

ينتابنى شعور غريب وسؤال أغرب . كيف يقدر الإنسان نفسه ؟ يظهر أن السؤال بسيط للوهلة الأولى ولكنه عميق للغاية فكيف ترى نفسك يعنى السؤال كيف تقدرها وتصونها وتعكس مشكلاتها وهل هى رائقة طيعة لك أم انها عصية وصعبة الوصف والشكل سؤال معقد للغاية .

إن تقديرك لنفسك متغير طوال الوقت من الرضا للسخط ومن القناعة إلى التمرد أنت أنت العزيز على الله لا تقدر نفسك التى بين جنبيك فماذا يكون حال من لا يعرفك،

انه متحير اكثر منك غير ان لديه ثوابت اسهل فهو لا يعلم البواطن فيحكم بما يرى اما انت فانت الجلاد والقاضى والسياف والرحيم والمتغاضى والمتجاسر

 أنت من تحدد تقديرك لنفسك وحتى تكون عادلا فى تقديرها أنصحك لا تضعها على مقياس واحد . إنما لكل أمر أمراً .

 ففى أوقات الجد يكون لها مقياس الشجاعة والاقدام وإختبار المبادئ وفى الراحة والدعه فيكفيها مقياس الكرم والأمانه وهكذا .

ما أريد قوله أننا أمام نفس متقلبه تضرم فيها النار وعلى النقيض يكسوها النور ففيك من النفخات والنفحات الربانية النورانية يقول الله عز وجل ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [ سورة ص: 72] .

وأيضاً فيك من نكزات الشياطين وفجور الطباع ما يحير الألباب قال تعالى {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) } سورة الشمس .

غير أن كل ذلك متغير من وقت لاخر يعلو بعضه بعضا ويغلف بعضة بعضاً . إنها الحياة المعقدة غير أنك المسؤل الأول على إظار نفسك بمظهرها المستقيم شكلاً وجوهراً وتهذيب سلوكها وتصحيح عللها وشفاء أسقامها .

إن الحقيقة الثابتة أنك خلقت عزيزاً ماجداً مميزاً كرم الله أباك آدم وأسجد له ملائكته وهداه وأرسل الى ذريته من بعده الرسل تلو الرسل لتمتد الهداية .

قال الله تعالى:-

( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ( 70 ) سورة الإسراء .

لقد خلقت عزيزاً ومميزاً .لكننا نحن البشر نفسياً نقدر من يقدر نفسه , من يعطيها حقها فى التقديرونقصي ونقلل من الأشخاص الذين لا يعطون لأنفسهم حقها .

إن أعظم إثم فى حق نفسك أن تجعلها دائماً منزوعة الأحقية فى الاحترام . هنا تكون فريسة المتنمرين والمزايديين هؤلاء لا تقوى شوكتهم ولا يصير لهم شأناً إلا إذا إجتمع حولهم الضعفاء فأول مسمى لهم الاتباع . 

أنتفى عنهم صفة الاستقلالية والحرية فى التصرف فى حضور من أعطوهم فرصة التقييم المستبيح لأحقيتهم فى التقدير ويصير التسلط والبغى والتبجح أحياناً .

ولا يتنافى ذلك مع العمل وإحترام الدرجات والمنازل وإنما يتنافى مع الركون إلى حالة الخواء النفسي النابع من داخلك أنت . لو أعطاك الناس كل التقدير والإحترام ورأيت نفسك ضعيفاً ما نفعوك اليك نصيحتى فى هذا الشأن لعلى أذكر نفسي وأذكرك .

النصيحة الأولى إن ماتكرره تقرره . طالما تكرر لنفسك بأنك ضعيف لا قيمه لك فان ذلك واقع لا محالة ومصير الضعف والقوة مرتبط بكلامك ومنطقك وإعتقادك وهو الذى يعطيك القوة الداخلية أو الوهن الداخلى.

كرر الكلام القوى المعنى لنفسك كلاماً يملؤه التقدير والاحترام .

النصيحة الثانية شد حيازيمك فلا قوة بدون جهد ولا تقدير بدون بذل ولا تحمل بغير شده فلا تتوقع أن تنال كل التقدير دون بذل المجهود .

فمثلاً صله الرحم مكلفة للغاية ولكن نفعها يغلب غرمها . فلن يقدرك اخوتك دون الزيارة والاهتمام والعطاء والجهد والبذل .

ولن يقدرك اصدقاءك وأنت لم تقدم لهم أى شئ وقت حاجتهم .لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون .

النصيحة الثالثة إجعل ركنك الشديد هو الله حسن علاقتك به وأحسن الى نفسك بالتقرب منه فبقربه يشتد عودك وترقى رتب الاحترام والإجلال بين الناس .

 في حديث نبوي، يُخبرنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم كيف أن الله يدعو جبريل ليحب عبده، ثم يُنادى في السماء بحبه، مما يجعل أهل السماء يحبونه أيضاً ويضع الله له القبول في الأرض.فكيف بانسان يحبه الله وجبريل ويحبه أهل الارض أن يكون هيناً فى أعين الناس ؟

النصيحة الرابعة أطب مطعمك وإجتهد فى طلب الرزق الحلال فإنه ينير الوجهه ويكسب القبول والرضى النفسي ويزيد البركه ويريح القلب ويجلب البهجة والسعادة .

النصيحة الخامسة إجعل لك عند الناس رصيد من التقدير والإحترام وقدر كل الخير الذى يوجهه اليك فان الخير دائرة أولها عندك وآخرها عندك ايضاً .وأكثر من رصيد سترك عند الله فكلما زاد ذلك الرصيد كفيت ووقيت مصارع السوء والفضائح وعشت محمود السيرة والكرامة . 

النصيحة الاخيرة إسعى الى الخير بكل قوتك يسعى اليك الخير فوق ما تتوقع فان إستعملك الله فى الخير كنت محل التقدير والرفعه وذادت ثقتك بنفسك ومنحت السكينة والسلام النفسي .

وقد روى ابن عساكر من طريق محمد بن أيوب الرازي حدثنا الحسن بن علي بن خلف الصيدلاني حدثنا سليمان بن عبد الرحمن حدثني عثمان بن حصن بن عبيدة بن علاق سمعت عروة بن رويم اللخمي حدثني أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-

إن الملائكة قالوا ( ربنا خلقتنا وخلقت بني آدم فجعلتهم يأكلون الطعام ويشربون الشراب ويلبسون الثياب ويتزوجون النساء ويركبون الدواب ينامون ويستريحون ولم تجعل لنا من ذلك شيئا فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة فقال الله عز وجل لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان ) .

أيها العزيز خلقاً يا إبن النبي أدم ونسل الصالحين من ذرية النبي نوح . خلقت عزيزاً ماجداً فلا تنحنى إلا لله فى سجودك ورزق محسوب وعمرك محسوب وخيرك وشرك بيد الله فلا تهلك نفسك وتنزلها منازل لا تستحقها.

أيها العزيز أيها العزيز 

 


اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

احمد حمدي

المدير العام التنفيذي لجريدة المساء العربي

مقالات ذات صلة