خطأ الباص الأخضر: تداعيات القرار السوري بخروج المعارضة المسلحة من حلب
كتب.. محمود أمين
في عام 2016، أثار قرار الحكومة السورية السماح بخروج مسلحي “جبهة النصرة” و”هيئة تحرير الشام” من مدينة حلب بالباصات الخضراء جدلاً واسعاً، حيث اعتبره البعض خطوة سياسية لتحقيق مكاسب على المدى القصير، لكنه اليوم يظهر كخطأ استراتيجي فادح.
حينها، بدا القرار وكأنه انتصار سياسي وإنساني يهدف إلى إنهاء معركة حلب بأقل الخسائر، مع ترويج الحكومة لصورة أكثر مرونة أمام المجتمع الدولي. إلا أن السماح بخروج المسلحين بأسلحتهم إلى مناطق أخرى، بدلاً من القضاء عليهم داخل المدينة، أثبت مع الوقت أنه أتاح لهم إعادة تنظيم صفوفهم وتوسيع نفوذهم.
اليوم، وبعد مرور سنوات، تشير الوقائع إلى أن الجماعات المسلحة التي خرجت من حلب عادت بقوة، وبدأت في السيطرة على عشرات القرى في الريف الشمالي لحلب. هذه السيطرة تعني استنزافاً جديداً للموارد العسكرية السورية، وتأخيراً في استعادة السيطرة الكاملة على الأراضي، فضلاً عن تأثيرها السلبي على الأمن والاستقرار في تلك المناطق.
المشكلة تكمن في أن هذا القرار لم يكن يتماشى مع طبيعة هذه التنظيمات، التي لا ترى في الاتفاقات أو التسويات إلا فرصة لإعادة التمركز والتحرك. لو تم التعامل بحزم أكبر، والقضاء على هذه الجماعات داخل حلب، لكانت الخريطة العسكرية في شمال سوريا مختلفة تماماً اليوم.
الأحداث الحالية تؤكد أن القرارات التي قد تبدو إنسانية في وقتها تحتاج إلى دراسة أعمق لتداعياتها المستقبلية. فالسماح بالخروج الآمن للمسلحين لم يحقق استقراراً مستداماً، بل أسهم في إطالة أمد الصراع وتعقيد المشهد الميداني والسياسي.
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.