وداعاً سوريا التى نعرفها
في مشهد من مشاهد التاريخ المتكررة تسقط سوريا تلك البلد العظيمة بلاد النعمة والنقمة شاهدة العصور والقصور قاتلة الممالك والحضارات وصانعتها في أن واحد .
لم يكن سقوطها سوى درس لمن ركن واستساغ النعمة واستهان بإرادة الشعب . إننا أمام مشهد يدمى القلب لماذا يا سوريا هذه الفوضى إنني على يقين إن لك قلب يدمى الان .
إنك تأنين في صمت إنك تتساءلين من هؤلاء الذين وطئوا أرض الحضارة ومنارة الخلفاء .من في مسجدك الأموي العتيق الأن .
لا أشكك في وطنية أحد أو نوايا أحد ولا أدافع عن أحد . وإنما يبعث الشجن في النفس انهيار الدولة وضياع الهيبة وتجرأ الجميع لقد صارت مستباحة .
تضرب المطارات في أماكنها ويهدم مراكز العلم والابحاث وتقصف القطع البحرية في البحر بغير حرب مع أحد غير تدمير إرادتها ومقوماتها وقوتها الصلبة .
ينادى الجميع لأجل سوريا ولكل إمري يومئذ شأن يغنيه . تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى .
لم يدرك يوما قائم الامر الذى كان فيها ما يدبر حق التقدير فخانه التقدير وذلت قدم بعد ثبوتها وذاق السوء بما صنع .
أهل سوريا بعد أن يفيقوا من فرحة النصر الوهمية . سيدركون أن سوريا ذهبت بعيدا وبعيدا جدا . إلى حيث لا يتوقعون .لم تعد الشوارع ملكهم ولا المتاجر ولا الحواضر ولا من يحمى ويصون .
بل لم يعد هناك من يتحدث باسمهم . بل صار كل من يتحدث عن سوريا طامح أو طامع أو موتور أو غريب .
لست مع من ذهب ولا من ظلم ولا من فرق شعبه ولكنى لست مطمئناً الى من ظهر من بين رماد الحرائق وثيابه نظيفة . من رأت عينية مطارات سوريا تضرب ولم يحرك ساكناً .
لست مع من وافق الخارج على الداخل .ربما أكون متشائماً ولكنني لست مطمئناً بما يكفى . إن القادم لا ينبأ بخير .
ان للجميع أن يتجرد . ويفكر في سوريا المسكينة رايات الفرحة تنبعث منها رائحة الشك في كل ما يجرى .
رياح التقسيم تهب من أطرافك يا حاضرة الخلافة يا منارة العلم والعلماء .
قريبا سيعتلى منابرك العتيقة من لا نعرف لغتهم وستتغير الوجوه البشوشة الى اخرى غاضبة . قريبا ستكونين رد فعل وسيجرى على ارضك كل النهايات كما كانت كل البدايات .
سترضى ارض الخلفاء بالمتيسر من الأراضي والمتيسر من القوة والمتيسر من الاقوات .
يقول التاريخ وهو الأصدق مقالا . ينحني العراق بفرقة أهلة وتنهار سوريا بتدبير الغرباء وتحالف الداخل مع الخارج .
وتستباح الارض ويتطلع الجميع الى الجندي الغربي (الجندي غرب جزيرة العرب والمقصود في معظم التفاسير أنه الجندي المصري ) كما ذكر الحاكم في المستدرك من حديث عمرو بن الحمق قال رسول الله (ستكون فتنة أسلم الناس فيها الجندي الغربي ) صدق رسول الله.
ثم تواجهه مصر وتصمد فتستقيم الشام وترجع سوريا وتستيقظ العراق ويقوم للعرب قائمة من جديد .
كانت تلك دروس الماضي المتكرر . يا أهل سوريا خذوا حذركم لا يضركم من ضل إن اهتديتم . يا أهل سوريا لا توطنوا للغرباء في داركم فليست هذه شيم العربي الشريف وتقاسموا خبز الشرف مع من هم من عرقكم النقي عرق الخلفاء والملوك والشعب الطيب المجرد من كل الأهواء .
يا اهل سوريا سلام عليكم حتى تستعيدكم أيد الرحمن الحانية ونرى اعلامكم الموحدة ترفرف من جديد في كل البقاع السورية .وداعاً سوريا التي نعرفها
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.