ركيزة الامن القومي الاقليمي بالشرق الاوسط
ركيزة الامن القومي الاقليمي بالشرق الاوسط
بقلم / الجيوسياسي د. نورالدين سعد
رئيس القسم السياسي
الجيش المصري تحول فعليا
إلى الجيش العربي الوحيد في الإقليم، هو كده من زمن، لكن الحقيقة بقت فادحة إلى حد موحش..
الجيش المصري في اليمن في الستينات كان بيحارب القبائل الإمامية (مدعومة من السعودية والأردن)، وكان بيحارب الموساد اللي كان بيدير حرب ضروس ضده في اليمن بالعملاء والقبائل والمقاتلين المدسوسين وحروب العصابات والعتاد والتسليح (العملية الكودية: القنفذ أو مانجو)، وحارب الإنجليز المحتلين عدن، وحارب فرنسيين ومرتزقة جييء بهم من مستعمرات فرنسية في أفريقيا.. (فرنسا كانت تنتقم من دور مصر في الجزائر).
ثم لما خاض حرب أكتوبر، بدأت الحرب مع إسرائيل ثم سرعان ما تحولت لحرب مفتوحة مع أمريكا نفسها..
والسادات دخل الحرب لإجبار إسرائيل على التفاوض مكنش عنده أي تصور بإمكانية تحقيق نصر حاسم، خصوصا إن دفاعه الجوي يدوب ميأمنش القوات لأبعد من المضايق.
والراجل كان واقعي ومدرك هو بيعمل إيه ( مع اختلافي معه في ألف شيء)..
مصر مرهقة منذ عقود، وجيشها خاض معارك عنيفة في جبهات مختلفة مع أعداء مختلفين ورغم كده صمد ولم يتفتت أو تتهاوى عقيدته الوطنية..
ولما دخلنا في أطوار التفاوض مع إسرائيل في اتفاقية السلام وكامب ديفيد ثم طابا والتحكيم.. لاقينا نفسنا بنواجه إسرائيل وأمريكا مجتمعتين..
مصر تدرك في تلافيف مخها إن اتفاقات السلام ترجيء الحرب ولا تمنعها.. وتدرك إن رهانها على تأجيل لحظة صدام حتمي، من أجل مزيد من الاستعداد هو مكسب كبير..
مصر مبتلاة بإقليم كله نزعات طفولية وأحقاد قديمة دفينة وأطراف تتصرف بلا مسؤولية.. وكل واحد بيحرك طوبة من مكانه.. بتلخبط حسابات كتير عندنا..
ودون التسلط على سلوكيات وقرارات أو مشاعر أو حماقات شعوب أو جماعات في الإقليم (لأن دي حركة التاريخ).. فطول الوقت حساباتنا معقدة وأعصابنا مشدودة..
وقدرة مصر على تسليح نفسها وتطوير جيشها بصورة شاملة في الحقبة الأخيرة كانت من أحكم القرارات..
لكن السلاح موجود كي لا تضطر لاستخدامه مش عشان تتحامق في استخدامه..
ورغم التهليل لجبهة النصرة في سوريا بعد ما حكمت محدش سألهم فين بياناتكم أو موقفكم من تدمير مقدرات الجيش السوري.. وكله يتتريق على بيان مصر بشجب ما حدث واعتراضها على السلوك الاسرائيلي ومطالبتها المجتمع الدولي بالتدخل..
مصر حقيقي- ونختلف مع ألف شيء فيها للأسف- لكنها الدولة الوحيدة العاقلة والمحملة بمسؤولية “دولة”، والمتصرفة داخل هذا الإقليم بعقل ودون ضغينة تاريخية أو فكرة مخبولة مسيطرة عليها.. وإن تفاوتت قدرتها في تصوير مدى مسؤوليتها ومدى جديتها.. وإن تفاوتت قدرتها في التعبير عن نفسها..
لكن مصر بكل أجنحتها -حتى في أردأ فتراتها- هي أشرف وأعقل وأقوى من في هذا الإقليم.. وإن هللوا لغير هذا وأرادوا إقناعك بغيره..
ونصف تصرف جاد من مصر.. دايما أمضى من سلوك الجميع..
ألهم الله مصر صواب أمرها في معترك لم تختبره من قبل.. ولكن “ياما دقت ع الراس طبول”
ركيزة الامن القومي الاقليمي بالشرق الاوسط
بقلم د. نور الدين سعد باحث فى الشئون السياسية والاقتصادية و الامنيه و الجيوسياسية و التخطيط الاستراتيجي استراتيجي و الأمن قومي بالاكاديمية العسكريه للدراسات الاستراتيجية
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.