
من مكارم الأخلاق
بقلم/ د. أحمد الشعراوي.. أوقاف القليوبيه
فضل الادب …. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وعبده نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واكتفا أثره واهتدى بهديه الى يوم الدين اما بعد ، فإن من تمام منة الله على امة الاسلام أن وفقها لاهدى طريق واقوم سبيل وجعل لذلك الطريق علامات تهدي اليه وتدل عليه من تمسك بها ظفر وفاز وتميز على أقرانه غاية الإمتياز ومن ضل عنها فاته خيرا كثير وتردا فى غاية الجهل والتقصير ومن تلك العلامات الهادية إلى ذلك الهدف المراد التمسك بالآداب الشرعية التى دلت عليها نصوص الشريعة واتصف بها العقلاء فى كل زمن من جملة الآداب التى بلغت بهم ذرا المجد ودراجات السؤدد.
فتعلم الآداب من الامور المطلوبة شرعاً وعرفاً والأدب يكون بستعمال ما يحمد قول وفعلا والأخذ بمكارم الأخلاق والوقوف عند كل وصف مستحسن،
وكلما عظم أدب المرأ كلما زاد قدره وعلى شأنه وعلى قدر اكتسابه من الآداب على قدر ما يكون له من علو المنزلة ومن أجل ذالك فقد تتابعت النصوص عن سلف الامة الكرام تحث على اكتساب الآداب والأمر بها لما يؤدي به من ذلك لفتح ابواب الخيرات وكونه سبيل لوقاية الدين من الآفات،
قال عمر ابن الخطاب رضى الله عنه تأدبو ثم تعلمو وقال إبن عباس رضي الله عنهما اطلب الادب فإنه زيادة فى العقل ودليل على المروئة مؤنس فى الوحدة وصاحب فى الغربة ومعال عند القلة وقال النخعى كانوا إذا اتوا للرجل يأخذوا عنه نظرو الى صلاته وسمته وإلى حاله ثم يأخذون عنه .
وقال عبد الله ابن المبارك لا يُنظر للرجل بشيئ من العلم ما لم يزين عمله بالأدب. ويروى عنه ايضا انه قال طلبت العلم فاصبت منه شيئاً وطلبت الأدب فإذا اهله قد زادو،
وقال رحمه الله إذا وصف لى رجل له علم الاولين والاخرين لا اتأسف على فوت لقائه واذا سمعت برجل له أدب النفس اتمنى لقائه واتأسف على فوته ،
وكما يقال العون لمن لا عون له الأدب فينبغى لكل مؤمن أن يعمل بالآداب المحمودة فى كل أحواله وأن يجعل الأدب لباساً يلتحف به فإنه ما ستر العيوب مثل جميل الأدب وحسن الخلق ،
وعلى المرء ان يغرس الأدب فى نفوس ابنائه ومن كانوا تحت يده من اول نشأتهم فإنه من ما لا يخفى على أحد أنه كلما كان التأديب على صغر السن كلما كان احرى أن يؤتى ثماره ولو بعد أمد وإنما هو بذل لأسباب النجاة والاخذ بمكارم الصفات
والأخلاق ومرد الأمر الى الله سبحانه وتعالى وقد كان يقال الأدب من الآباء والصلاح من الله وقد جاء عن على ابن أبي طالب رضى الله عنه فى قوله تعالى يا أيها الذين آمنو قو انفسكم و أهليكم نارا قال أدبوهم ثم علموهم ،
وقال محمد إبن سيرين اكرم ولدك واحسن أدبه فمن أدب ابنه صغيراً قرت عينه به كبيراً ومن أدب إبنه أرغم أنف عدوه وما ورث الآباء الأبناء شيئاً افضل من الادب وقال الحسن التعلم في الصغر كالنقش في الحجر وهو ما أشار إليه قول القائل،
حرض بنيك على الآداب فى الصغر كي تقر عيناك بهم فى الكبر وإنما مثل الآداب نجمعها فى عنفوان الصبا كالنقش في الحجر كما أن الآدب يهذب العقول فالعقل يحتاج الى شيئ من الأدب.كما تحتاج الأبدان إلى شيئ من الطعام
ولذا قال علي رضى الله عنه الادب كنز عند الحاجة وعون على المروئة صاحب فى المجلس أنيس فى الوحدة تعمر به القلوب الضعيفة وتحيا به الألباب الميتة وينال به الطالبون ماحاولوا،
وقيل لعبد الله ابن المبارك ما خير ما أعطى الرجل قال غريزة عقل قيل فإن لم يكن قال فأدب حسن قيل فإن لم يكن قال فأخا صالح يستشيره،
قيل فإن لم يكن قال صمت طويل قيل فإن لم يكن قال موت عاجل ومن فضائل الأدب أنه يرفع قدر صاحبه فإن من كثر أدبه كثر شرفه وإن كان وضيعاً وبعد صيته وان كان خاملاً و ساد ،
وإن كان غريباً وكثرت حوائج الناس إليه وإن كان فقيراً والأدب يحرز الحظ ويؤنس الوحشة وينفي الفاقة والفقر ويعرف النكرة ويثمر المكسبة ويكمد العدو ويكسب الصديق .
ويكفى شرف الأدب أن أهله متبعون والناس تحت راياتهم فيعطف ربك تعالى عليهم قلوباً لا تعطفها الأرحام وتجتمع بهم كلمة لا تأتلف بالغلبة وتبذل بهم مهج النفوس،
نسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا من الذين تأدبوا وتعلموا العلم النافع والعمل الصالح أنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.