ظاهرة “ترند الشوكولا”.. تقدير حقيقي أم تأثير السوشيال ميديا؟
في مشهد يبدو للوهلة الأولى مفعمًا بالمحبة والتقدير، يتهافت بعض التلاميذ على تقديم صناديق الشوكولا الفاخرة لمعلميهم كهدية تعبر عن الامتنان. لكن خلف هذا السلوك البريء ظاهريًا، تتكشف أبعاد أكثر تعقيدًا ترتبط بانتشار ظاهرة “الترندات” وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على تشكيل سلوكيات الأفراد، لا سيما النشء.
الترند.. صياغة جديدة للسلوك
ما يحدث ليس مجرد مبادرة فردية أو عفوية، بل يعكس تأثيرًا واسعًا لمنصات التواصل الاجتماعي التي باتت تصوغ اهتمامات الناس وسلوكياتهم بشكل سريع وممنهج. في ظل هذا الواقع، تتحول التصرفات الفردية إلى ظواهر اجتماعية تتخذ شكل “ترند”، ما يفرض على التلاميذ، وحتى أولياء الأمور، الانخراط فيها بهدف تحقيق القبول الاجتماعي أو محاكاة ما يُعتبر سلوكًا شائعًا.
التبعية أم التقدير؟
بينما يُفترض أن تكون هدايا التلاميذ لمعلميهم نابعة من شعور حقيقي بالتقدير، إلا أن تأثرها بالترند السائد يثير تساؤلات حول مدى صدق هذه المشاعر. فهل تُقدم هذه الهدايا من القلب، أم أنها محاولة للظهور بمظهر متماشي مع “الموضة” الرقمية؟ هذه الممارسات تكشف عن نقص في التفكير النقدي واستقلالية الشخصية لدى بعض التلاميذ، الذين باتوا أسرى لما تُمليه عليهم السوشيال ميديا.
دور الأسرة والمعلمين
أمام هذه الظاهرة، يصبح دور الأسرة والمدرسة محوريًا في توعية الجيل الناشئ بمخاطر الانقياد الأعمى وراء الترندات. على الأولياء تشجيع أبنائهم على التعبير عن مشاعرهم بطرق بسيطة وصادقة، ككتابة رسالة بخط اليد أو تقديم عمل فني من صنعهم، بعيدًا عن المبالغات أو محاولات تقليد الآخرين.
أما المعلمون، فيمكنهم استثمار هذه المواقف لتعزيز قيم التفكير النقدي والتمييز بين السلوكيات الأصيلة والمظاهر المصطنعة.
رسالة للتأمل
ظاهرة “ترند الشوكولا” ليست مجرد سلوك اجتماعي عابر، بل هي انعكاس للهيمنة الرقمية وتأثيرها على تشكيل القيم والمبادئ. إن مواجهة هذه الظواهر تتطلب جهدًا مشتركًا من الأسرة، المدرسة، والمجتمع ككل، لتعزيز شخصية الجيل الجديد وتمكينه من التفكير باستقلالية بعيدًا عن التبعية العمياء لما تفرضه وسائل التواصل الاجتماعي.
بهذا، يصبح السلوك الاجتماعي انعكاسًا لقيم حقيقية، لا مجرد استجابة لصيحات عابرة.
ظاهرة “ترند الشوكولا”.. تقدير حقيقي أم تأثير السوشيال ميديا؟
