
التعليم ما بين عودة الكتاتيب وشهادة البكالوريا
يعد التعليم أحد الركائز الأساسية لتقدم أي أمة، ولا يختلف الوضع في مصر. ومع ذلك، يجد الطلاب وأولياء الأمور أنفسهم في حالة من التخبط المستمر نتيجة القرارات المتضاربة والإصلاحات غير المدروسة.
فيما يتعلق بالمناهج الدراسية ونظام الثانوية العامة، تتكرر التعديلات بشكل يعكس اضطرابًا في السياسات التعليمية. نسمع بشكل متكرر عن خطط جديدة لتطوير التعليم، لكن التنفيذ غالبًا ما يكون غير مكتمل أو غير مدروس بالشكل الكافي. هذا الوضع يربك الطلاب وأولياء الأمور، ويجعل من الصعب التكيف مع التغييرات المستمرة، مما يؤدي في النهاية إلى فقدان الثقة في النظام التعليمي.
من جهة أخرى، تروج بعض الجهات لفكرة أن التعليم في مصر يشهد تطورًا ملحوظًا ويحقق مستويات متميزة، لكن الحقيقة تشير إلى وجود تحديات كبيرة تواجه النظام التعليمي من حيث البنية التحتية، وتأهيل المعلمين، وتوافر الموارد التعليمية.
يظهر الواقع فجوة كبيرة بين التصورات والطموحات المعلنة وبين الوضع الفعلي على أرض الواقع.
أما بالنسبة للكتاتيب، فقد بدأ معظم الأجيال القديمة
تعليمهم عن طريقها، وساهمت بشكل كبير في تأسيس التعليم والحفاظ على الهوية الدينية،لكن مع تطور الزمن ووسائل التكنولوجيا الحديثة، يجب أن نحرص على وجود وسائل جديدة تساعد على الفهم والتأسيس وليس الحفظ فقط.
لا ينبغي أن نبخس حق الكتاتيب فيما وصل إليه الكثير منا، ولكن إذا كان لابد من هذه العودة، فيجب تطويرها بوسائل غير تقليدية واعتبارها مرحلة تأهيل أولى للطلاب. وإلا فإننا نعود إلى الكتاتيب والدراسة بالبكالوريا بالطريقة القديمة
أو عصر الطرابيش.
هذا التخبط في القرارات والسياسات التعليمية يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في المنظومة التعليمية، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم ومخرجاته. يجب أن تكون هناك دراسات معمقة واستعدادات جيدة قبل اتخاذ أي قرار أو تغيير في النظام التعليمي، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة وتفادي التبعات السلبية. القرارات السريعة وغير المدروسة قد تؤدي إلى نتائج عكسية وتضر بمستقبل الأجيال القادمة.
الإصلاح الحقيقي لنظام التعليم في مصر يتطلب رؤية شاملة ومستدامة، تستند إلى دراسات وأبحاث دقيقة، وتستفيد من تجارب الدول الناجحة. يجب أن يكون الهدف هو تحسين جودة التعليم بشكل مستدام، وليس مجرد اتخاذ قرارات تجريبية قد تؤدي إلى مزيد من التخبط والاضطراب. لتحقيق هذا الهدف، يجب أن تتعاون جميع الجهات المعنية لضمان تنفيذ الخطط بشكل دقيق ومدروس، مع التركيز على تأهيل المعلمين وتوفير البنية التحتية اللازمة.
يجب علينا أن نجد طريقًا أو منهجًا نتمسك به: إما العودة إلى نظام التعليم القديم الذي أنتج العديد من العلماء البارزين في شتى المجالات، رغم بعض سلبياته، أو التقدم وإيجاد منهج حديث يناسب متطلبات العصر مع مراعاة الفروق بين الطبقات وعدم المساس بمبدأ مجانية التعليم. وزيادة الأعباء على المواطنين البسطاء.
في نهاية المطاف، يجب أن نسعى جميعًا إلى نظام تعليمي يعزز من قدرات الطلاب ويساهم في تحقيق نهضة علمية للبلاد. فالتعليم هو المفتاح الرئيسي لتحقيق مستقبل مشرق، ويجب أن نضعه في صدارة أولوياتنا من خلال تخطيط جيد وتنفيذ مدروس.
التعليم ما بين عودة الكتاتيب وشهادة البكالوريا
اكتشاف المزيد من جريدة المساء العربي
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.